عيون الاخبار (صفحة 316)

ذهبت مسيرة شهر على مثل رضراض الكافور، وإذا هبّت الجنوب جاءتنا بريح السّواد وورده وياسمينه وأترجّه، وماؤنا عذب وعيشنا خصب. وقال الحجاج:

الكوفة بكر حسناء والبصرة عجوز بخراء «1» أوتيت من كل حلي وزينة.

اجتمع أهل العراق ليلة في سمر يزيد بن عمر بن هبيرة، فقال يزيد: أيّ البلدين أطيب ثمرة: الكوفة أم البصرة؟ فقال خالد بن صفوان: بل ثمرتنا أيها الأمير منها الأزاذ والمعقليّ وكذا وكذا. فقال عبد الرحمن بن بشير العجلي: لست أشك أيها الأمير أنكم قد اخترتم لأمير المؤمنين ما تبعثون به إليه. قال: أجل، قال: قد رضينا باختيارك لنا وعلينا. قال: فأيّ الرّطب تحملون إليه؟ قال:

المشان. قال: ليس بالبصرة منه واحدة. ثم أيّة؟ قال: السّابري. قال: ولا بالبصرة منه واحدة. قال خالد بن صفوان: بلى عندنا بالبصرة منه شيء يسير.

قال: فأيّ التمر تحملون إليه؟ قال: النّرسيان. قال: ولا بالبصرة منه واحدة.

قال: ثم أية؟ قال: الهيرون أزاذ. قال: ولا بالبصرة منه واحدة. قال: فأيّ القسب «2» تحملون إليه؟ قال: قسب العنبر. قال: ولا بالبصرة منه واحدة. قال ابن هبيرة لخالد: ادّعى عليك خمسا فشاركته في واحدة وسلّمت له أربعا، ما أراه إلا قد غلبك.

دخل فتى من أهل المدينة البصرة ثم انصرف، فقال له أصحابه: كيف رأيت البصرة؟ قال: خير بلاد الله للجائع والعزب والمفلس: أما الجائع فيأكل خبز الأرز والصّحناء «3» لا ينفق في الشهر درهمين، وأما العزب فيتزوج بشق درهم، وأما المحتاج فلا عيلة عليه ما بقيت عليه استه يخرأ ويبيع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015