فأكلت الثّوم أحدا وعشرين يوما فشفيت منه؛ فعجبت لها كيف تدع أن تصفه.
ومررت برجل على شاطىء نهر يستقي منه في قلّة له ومعه بغلة، فلما سقى البغلة ملأ القلّة وربط البغلة بأذن القلّة وذهب لبعض حاجته، فنفرت البغلة وكسرت القلة؛ فجعل يلعن الشيطان، وبرّأ عقله ونسي فعله. ومررت بقوم يذكرون الله فاجتهدوا ونصبوا «1» وابتهلوا، فلما أظلّت الرحمة ملّة رجل منهم فقام، وجاء آخر لم ينصب معهم فجلس مجلسه، فنزلت الرحمة فدخل فيها معهم وحرمها الأوّل؛ فعجبت من سعادة هذا وشقاوة هذا.
وتقول الأطبّاء: إنّ الثّوم إذا شوي بالنار ووضع على الضّرس المأكول ودلكت به الأسنان التي يعرض فيها الوجع من الرطوبة والريح، أذهب ما فيها بإذن الله من الوجع.
قال: وهو ينفع من العطش الحادث من البلغم، ويقوم مقام التّرياق في لسع الهوامّ، والأمراض الباردة.
وتقول الروم في الثّوم: إنه دواء لمن أصابه وجع السّقي «2» في بطنه.
وإن أكله من ظهر فيه حرّة «3» من شرى «4» أو غيره أبرأه. وإن دقّ الثّوم يابسا فأغلي بسمن ولبن ثم جعله من يشتكي ضرسه في فيه سخنا فأمسكه ساعة، ذهب وجع ضرسه؛ وهو نافع لمن اجتوى «5» .