وَقَدِمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدُ بَنِي أَسَدٍ عَشَرَةُ رَهْطٍ، فِيهِمْ وَابِصَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، وَطُلَيْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَسَلَّمُوا وَتَكَلَّمُوا، فَقَالَ مُتَكَلِّمُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا شَهِدْنَا أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَجِئْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَمْ تَبْعَثْ إِلَيْنَا بَعْثًا، وَنَحْنُ لِمِنْ وَرَائِنَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [1] .
وَكَانَ مِمَّا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ الْعِيَافَةَ وَالْكَهَانَةَ وَضَرْبَ الْحَصَى، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ أُمُورٌ كُنَّا نَفْعَلُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: رَأَيْتُ خَصْلَةً بَقِيَتْ: قَالَ: وَمَا هِيَ: قَالُوا: الْخَطّ [2] قَالَ: «عَلِمَهُ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَمَنْ صَادَفَ مِثْلَ عِلْمِهِ عُلِّمَ» .
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ كُرَيْمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ قَالَتْ: سَمِعْتُ أُمِّي ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَقُولُ: قَدِمَ وَفْدُ بَهْرَاءَ مِنَ الْيَمَنِ وَهُمْ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا، فَأَقْبَلُوا يَقُودُونَ رَوَاحِلَهُمْ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى بَابِ الْمِقْدَادِ، وَنَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا بِبَنِي حُدَيْلَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الْمِقْدَادُ فَرَحَّبَ بِهِمْ وَأَنْزَلَهُمْ، وَجَاءَهُمْ بِجَفْنَةٍ مِنْ حيس [3] كنا قد هيأناها قبل أن يحلو