عيون الاثر (صفحة 294)

قَالَ حَكِيمٌ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى جِئْتُ أَبَا جَهْلٍ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ نَثَلَ [1] دِرْعًا لَهُ مِنْ جِرَابِهَا [2] ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الْحَكَمِ، إِنَّ عُتْبَةَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ بِكَذَا وَكَذَا لِلَّذِي قَالَ، فَقَالَ: انتفح وَاللَّهِ سَحْرُهُ [3] ، حِينَ رَأَى مُحَمَّدا وَأَصْحَابَهُ، كَلا وَاللَّهِ لا نَرْجِعُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّد، وَمَا بِعُتْبَةَ مَا قَالَ وَلَكِنَّهُ قَدْ رَأَى أَنَّ مُحَمَّدا وَأَصْحَابَهُ أَكَلَةُ جَزُورٍ وَفِيهِمُ ابْنُهُ قَدْ تَخَوَّفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عَامِرٍ الْحَضْرَمِيِّ فَقَالَ: هَذَا حَلِيفُكَ يُرِيدُ أن ترجع بالناس، وقد رأيت ثارك بعينك، فَقُمْ فَانْشُدْ خُفْرَتَكَ وَمَقْتَلَ أَخِيكَ، فَقَامَ عَامِرُ بن الحضرمي فاكتشف ثم صرح: وا عمراه، فَحَمِيَتِ الْحَرْبُ، وَحَقَب أَمْرُ النَّاسِ، وَاسْتَوْسَقُوا عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ، وَأُفْسِدَ عَلَى النَّاسِ الرَّأْيُ الَّذِي دَعَاهم إِلَيْهِ عُتْبَةُ، فَلَمَّا بَلَغَ عُتْبَةَ قَوْلُ أَبِي جَهْلٍ: انْتَفَخَ وَاللَّهِ سحره، قال: سيعلم مصفر استه من انفتخ سَحْرُهُ، أَنَا أَمْ هُوَ؟ ثُمَّ الْتَمَسَ عُتْبَةُ بَيْضَة لِيُدْخِلَهَا فِي رَأْسِهِ فَمَا وَجَدَ فِي الْجَيْشِ بَيْضَةً تَسَعْهُ مِنْ عِظَمِ هَامَتِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ اعْتَجَرَ عَلَى رَأْسِهِ بِبُرْدٍ لَهُ [4] .

وَقَالَ ابْنُ عَائِذٍ وَقَالَ رِجَالٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا رَأَوْا قِلَّةَ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَرَّ هَؤُلاءِ دِينهُمْ، مِنْهُمْ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَذَكَرَ غَيْرَهُمْ لَمَّا تَقَالُوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَعْيُنِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ [5] الآية، حتى نزلوا وتعبؤا لِلْقِتَالِ وَالشَّيْطَانُ مَعَهُمْ لا يُفَارِقُهُمْ.

قَالَ ابْنُ إسحق: وَقَدْ خَرَجَ الأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ، وكان رجلا شرسا سيء الْخُلُقِ، فَقَالَ: أُعَاهِدُ اللَّهَ لأَشْرَبَنَّ مِنْ حَوْضِهِمْ أَوْ لأَهْدِمَنَّهُ، أَوْ لأَمُوتَنَّ دُونَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمَّا التقيا ضربه حمزة فأطن [6] قدمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015