قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ جَائِزَةٌ لِأَنَّ جُزْءًا مِنَ الصَّلَاةِ إِذَا جَازَ عَلَى حَالِ الِانْفِرَادِ جَازَ سَائِرُ أَجْزَائِهَا
وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَا تَعُدْ إِرْشَادًا لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ وَلَوْ يَكُنْ مُجْزِيًا لِأَمْرِهِ بِالْإِعَادَةِ وَيَدُلُّ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي صَلَاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بَيْتِ الْمَرْأَةِ وَقِيَامُهَا مُنْفَرِدَةً وَأَحْكَامُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي هَذَا وَاحِدَةٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِالْإِعَادَةِ فِي حَدِيثِ وَابِصَةَ لَيْسَ عَلَى الْإِيجَابِ وَلَكِنْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ
وَكَانَ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ يَقُولَانِ فِي الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ إِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الصُّفُوفِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا لَمْ يَجْزِهِ
انْتَهَى
قُلْتُ مَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَأَحْكَامُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي هَذَا وَاحِدَةٌ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لِلْمُخَالِفِ أَنْ يَقُولَ إِنَّمَا سَاغَ قِيَامُ الْمَرْأَةِ مُنْفَرِدَةً لِامْتِنَاعِ أَنْ تَصُفَّ مَعَ الرِّجَالِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَصُفَّ مَعَهُمْ وَأَنْ يُزَاحِمَهُمْ وَأَنْ يَجْذِبَ رَجُلًا مِنْ حَاشِيَةِ الصَّفِّ فَيَقُومَ مَعَهُ فَافْتَرَقَا
قَالَ المنذري وأخرجه البخاري والنسائي
(إِذَا جَعَلْتَ بَيْنَ يَدَيْكَ) أَيْ قُدَّامَكَ وَهَذَا مُطْلَقٌ وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا التَّقْدِيرُ بِمَرِّ الشَّاةِ وَبِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مُقَيِّدَةٌ لِذَلِكَ (مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ) قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُؤَخِّرَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَهَمْزَةٍ