وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِنْكَارُ النَّسَائِيِّ لَهُ مِنْ جِهَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَةَ فَإِنَّ فِيهِ مَقَالًا وَقَدْ صَنَّفَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الأصبهاني المقرئ جزأ فِي الرُّخْصَةِ فِي تَقْبِيلِ الْيَدِ ذَكَرَ فِيهِ حديث بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَبُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ وَصَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ وَبُرَيْدَةَ الْعَبْدِيِّ وَالزَّارِعِ بْنِ عَامِرٍ الْعَبْدِيِّ وَذَكَرَ فِيهِ آثَارًا صَحِيحَةً عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَالِكًا أَنْكَرَهُ وَأَنْكَرَ مَا رُوِيَ فِيهِ وَأَجَازَهُ آخَرُونَ
وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِنَّمَا كَرِهَهَا مَالِكٌ إِذَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ التَّكَبُّرِ وَالتَّعْظِيمِ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ فَأَمَّا إِذَا قَبَّلَ إِنْسَانٌ يَدَ إِنْسَانٍ أَوْ وَجْهَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ إِلَى اللَّهِ لِدِينِهِ أَوْ لِعِلْمِهِ أَوْ لِشَرَفِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَتَقْبِيلُ يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِدُنْيَا أَوْ لِسُلْطَانٍ أَوْ لِشِبْهِهِ مِنْ وُجُوهِ التَّكَبُّرِ فَلَا يَجُوزُ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[5224] (عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ) بِالتَّصْغِيرِ فِيهِمَا (رَجُلٍ) بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ أُسَيْدٍ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ (قَالَ بَيْنَمَا هُوَ) أَيْ أُسَيْدٌ وَالْقَائِلُ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى (وَكَانَ فِيهِ مُزَاحٌ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمُزَاحُ بِالضَّمِّ الِاسْمُ وَأَمَّا الْمِزَاحُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ مَصْدَرُ مَازَحَهُ وَالْمَفْهُومُ مِنَ الْقَامُوسِ أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ إِلَّا أَنَّ الضَّمَّ مَصْدَرُ الْمُجَرَّدِ وَالْكَسْرَ مَصْدَرُ الْمَزِيدِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ ضَرَبَهُ عَلَى سَبِيلِ الْمِزَاحِ (فِي خَاصِرَتِهِ) مَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ تهى كاه (فَقَالَ) أَيْ أُسَيْدٌ (أَصْبِرْنِي) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ أَقْدِرْنِي وَمَكِّنِّي مِنَ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ حَتَّى أَطْعَنَ فِي خَاصِرَتِكَ كَمَا طَعَنْتَ فِي خَاصِرَتِي (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اصْطَبِرْ) أَيِ اسْتَوْفِ الْقِصَاصَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى أَصْبِرْنِي أَقِدْنِي مِنْ نَفْسِكَ وَمَعْنَى اصْطَبِرِ اسْتَقِدْ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَنَ إِنْسَانًا بِقَضِيبٍ مُدَاعَبَةً فَقَالَ لَهُ أَصْبِرْنِي قَالَ اصْطَبِرْ أَيْ أَقِدْنِي مِنْ نَفْسِكَ قَالَ اسْتَقِدْ يُقَالُ اصْطَبَرَ فُلَانٌ مِنْ خَصْمِهِ وَاصْطَبَرَ أَيِ اقْتَصَّ مِنْهُ وَأَصْبَرَهُ الْحَاكِمُ