«لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فاقتله» (?).
ولك أن تتخيل- أخي القارئ- وقع هذا الحديث على المسلمين منذ مائة عام وقبل هجرة اليهود إلى فلسطين، من المؤكد أن سؤالا قد قفز إلى أذهانهم عن كيفية تحقق هذه البشرى واليهود أشتات متفرقة في بقاع الأرض، والآن بعد أن جمعهم الله عز وجل في فلسطين نجد أن الأمور تسير في اتجاه تحقيق تلك البشرى {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} [الإسراء: 104].
كل هذه المبشرات تندرج تحت قوله تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف: 8، 9].
فالله عز وجل اختص الإنسان لنفسه ونفخ فيه من روحه وأعد له الجنة لتكون له دارًا للإقامة الأبدية، ولذلك فهو سبحانه {لاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: 7] ويريد لهم جميعا أن يدخلوا الجنة، فأرسل لهم الرسل والكتب لتبشرهم وتنذرهم لعلهم يعودون إلى طريقه.
ولقد اختار سبحانه أمة الإسلام لتقوم بمهمة هداية البشرية وتوصيل رسالته إليهم، وستظل هذه الأمة مكلفة بهذه الأمانة حتى قيام الساعة.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقوم الأمة بأداء تلك الأمانة وهي بهذه الحال المزرية.
من هنا نقول: أن الأحداث التي تجري في العالم تحرك وتدفع الوضع القائم في اتجاه التمكين لهذا الدين وعودة المجد من جديد للأمة فتنطلق راشدة تبلغ الرسالة للعالمين، فُتسلم الدنيا لربها كما قال صلى الله عليه وسلم: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر، إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز، أو ذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر» (?).
وليس أدل على هذا- كما أسلفنا- من تجمع اليهود مرة أخرى في فلسطين.
ومع هذه الأدلة القاطعة بعودة مجد الإسلام من جديد إلا أن قسوة الوضع القائم، وشدة الظلام الذي يحيط بالأمة ويُخيم عليها، جعل الكثير من أبنائها يتشكك ويُشكك في إمكانية تحقق هذا المجد, على الأقل في هذا العصر.
وكيف يتحقق والأمة متفرقة أشتاتًا وشيعا، والأمراض الاجتماعية تكاد تفتك بأبنائها, والعصبيات والنعرات القومية تتحكم في دولها, والأعداء قد أحكموا قبضتهم على مقدراتها، والمشروع الصهيو أمريكي يمضي في طريقه قدُما؟!
نعم، الوضع القائم بالغ السوء، ولكن مع قسوته وظلمته فإن الثابت الصحيح أن الفجر سينبلج، وهلال المجد سيظهر في سماء الدنيا، وشمس الإسلام ستشرق من جديد، وليس ذلك فحسب بل بإمكاننا نحن- أبناء هذا الجيل- أن نكون ممن يرى تباشير هذا كله، ونشارك في صناعة هذا المجد.