عوده الحجاب (صفحة 877)

وهو الحافظ الذهبي (ت 748) ، وقد ألف كتابه " ميزان الاعتدال " في نقد رجال الحديث، خرَّج فيه عدة آلاف مُتَّهم من المحدثين، ثم أتبع قوله بتلك الجملة التي كتبها بخطه الواضح وقلمه العريض فقال: " وما علمت من النساء من اتُّهِمَتْ ولا من تركوها " (?) .

ولعل قائلًا يقول: " وما للنساء ورواية الحديث؟ وهل تركهن الذهبي إلا من قلة أو ذلة؟ "، والجواب: أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ عهد عائشة رضي الله عنها حتى عهد الذهبي ما حُفِظَ ولا رُوِيَ بمثل ما حفظ في قلوب النساء، وروي على ألسنتهن.

ذلكم الحافظ ابن عساكر (ت 571 هـ) أوثق رواة الحديث عقدة، وأصدقهم حديثا، حتى لقبوه بـ " حافظ الأمة "، كان له من شيوخه وأساتذته بضع وثمانون من النساء، فهل سمع الناس في عصر من العصور، وأمة من الأمم أن عالمًا واحدا يتلقى عن بضع وثمانين امرأة علمًا واحدًا؟ فكم ترى منهن من لم يلقها أو يأخذ عنها، والرجل لم يجاوز الجزء الشرقي من الدولة الإسلامية، فلم تطأ قدماه أرض مصر، ولا بلاد المغرب، ولا الأندلس وهي أحفل ما تكون بذوات العلم والرأي من النساء) (?) .

(وهذا الإمام أبو مسلم الفراهيدي المحدث يكتب عن سبعين امرأة) (?) .

(وقد شهد الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله مجالس حافلة قرأ فيها على بعض المحدثات الحافظات الفقيهات، فتراه يختم كتابه " بغية الوعاة "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015