عوده الحجاب (صفحة 502)

فتفردت أمه بتربيته وإيداع سر الكمال وروح السمو في ذات نفسه، فكان من أمره ما علمت) (?) .

وسفيان الثوري: وما أدراك ما سفيان الثوري (?) ؟!.

إنه فقيه العرب ومحدثهم، وأحد أصحاب المذاهب الستة المتبوعة، إنه أمير المؤمنين في الحديث الذي قال فيه زائدة: (الثوري سيد المسلمين) ، وقال الأوزاعي: (ولم يبق من تجتمع عليه الأمة بالرضا إلا سفيان) ، وما كان ذلك الإمام الجليل، والعَلَم الشامخ، إلا ثمرة أم صالحة، حفظ التاريخ لنا مآثرها، وفضائلها، ومكانتها، وإن كان ضَن علينا باسمها.

روى الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله بسنده عن وكيع قال:

(قالت أم سفيان لسفيان: " يا بني! اطلب العلم، وأنا أكفيك بمغزلي (?) ، فكانت - رحمها الله - تعمل، وتقدم له، ليتفرغ للعلم، وكانت تتخوله بالموعظة والنصيحة، قالت له ذات مرة- فيما يرويه الإمام أحمد أيضا -: " يا بني إذا كتبت عشرة أحرف، فانظر: هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تر ذلك، فاعلم أنها تضرك، ولا تنفعك " (?) .

فهل من غرابة بعد هذا أن نرى سفيان يتبوأ منصب الإمامة في الدين، كيف وهو قد ترعرع في كنف مثل هذه الأم الرحيمة، وتغذي بلبان تلك الأم الناصحة التقية؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015