عوده الحجاب (صفحة 501)

لم تلتفت لِلِداتِها (?) ... ومَشت على غُلَوائها (?)

وَلَدَت أغَرَّ مباركًا ... كالشمس وَسطَ سمائها (?)

وأبو حفص عمر بن عبد العزيز: أورع الملوك وأعدلهم وأجلهم، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، أكمل أهل دهرها كمالا، وأكرمهن خلالًا، وأمها تلك التي اتخذها عمر لابنه عاصم، وليس لها ما تعتز به من نشب ونسب، إلا ما جرى على لسانها قول الصدق في نصيحتها لأمها (?) ، وهي التي نزعت به إلى خلائق جده الفاروق رضي الله عنه.

وأمير المؤمنين عبد الرحمن الناصر: الذي ولي الأندلس وهو ولاية تميد بالفتن، وتَشْرَقُ بالدماء، فما لبثت أن قرت له، وسكنت لخشيته، ثم خرج في طليعة جنده، فافتتح سبعين حصنا في غزوة واحدة، ثم أمعن بعد ذلك في قلب فرنسا، وتغلغل في أحشاء سويسرا، وضم أطراف إيطاليا، حتى ريض كل أولئك له، ورجف لبأسه، فكان أعظم أمراء بني أمية في الأندلس، حكم مدة خمسين سنة وستة أشهر، وبعد ما كانت قرطبة إمارة، أصبحت مقر خلافة يحتكم إليها عواهل أوربة وملوكها، ويختلف إلى معاهدها علماء الأمم وفلاسفتها.

أتدري ما سر هذه الهمة، وما مهبط وحيها؟ إنها المرأة وحدها! فقد نشأ عبد الرحمن يتيمًا قتل عمُّه أباه وعمره واحد وعشرون يوما،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015