عوده الحجاب (صفحة 336)

اهـ (?)

[لقد فقدنا شخصيتنا المميزة، فبات كل ما نستطيعه هو تقليد هذا الغرب الذي آمنا بتفوقه، وأقبلنا نعدو وراءه دون وعي، فإذا نحن أسرع منه هبوطًا إلى أسفل، وإذا نحن نتلقى كل أخطائه الاجتماعية بالقبول والتطبيق، لا نشك في أنها خير ما أبدعه التقدم البشري، حتى إذا وجد من كبار رجال الغرب من يكشف فضائح هذه الأخطاء أغلقنا أسماعنا دون صوته! .. ولا عجب في ذلك، فالانحدار أيسر من الصعود، وليس من السهل أن تكلف من يهوي في السفح أن يتماسك فجأة عند نقطة الخطر، فضلًا عن أن تأمره بالصعود، وقديما صور الشاعر هذا المعنى بقوله:

سُبُل الغَي سهلة واسعات ... وطريق الهدى كَسَمِّ الخِياط

مصعد شَق لا تُكَلفه الضُّمَّرُ ... إلا مضروبةً بالسياط

ومن هنا كان إصلاح الأمم المتخلفة موقوفًا بالدرجة الأولى على قادتها السياسيين، الذين بيدهم مقاليد الإصلاح.

وحق ما قاله حكيم العرب (أكثم) قديمًا من أن (إصلاح فساد الرعية خير من إصلاح فساد الراعي) .. ولكن صحة هذا الرأي مقيدة بنسبة الأوضاع؛ فالشعوب الواعية هي التي تملي خطط الحكام، ومن وعيها السياسي يستمد هؤلاء اتجاهاتهم، ولكن الجماعات التي لم تستكمل نضجها السياسي، ولم تستبن لها الأهداف في وضوح، وبخاصة إذا كانت حديثة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015