يُوجد هذا المخلوق ليُفيض عليه إحسانه فلم يرض له من مخلوقاته متعلَّقا محبوباً لذاته سواه لعلمه أن ما دونه لا يسدّ فاقة عبده وفقره الذاتي فخلقه مريداً له محباً مشتاقاً إليه لا لشيء يريده منه سوى قربه ومحبته ورضوانه لِما يتصف به سبحانه مما لا يغني روح عبده سواه ولا يسدّ فاقتها وفقرها الذاتي غيره ولوْ حِيز لها ما في الأكوان.

فمن هنا قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} فذكر ما سَخّر كوسيلة لأجَلّ الغايات وأسماها وهي علاقة هذا المكرم بالمنعِم المكرِم، إنها علاقة لا تشبه علاقة الولد بأبيه وأمه ولا أي محب بمحبوبه، إنها علاقة العبد بسيده ومعبوده الذي لا غنى له عنه طرفة عين، الذي إذا فَقَدَهُ فقد كل شيء ولو حصلت له كل أمانيه وإذا حصل له فنعيمه لا يشبهه نعيم لا في دنياه ولا آخرته.

هذا هو الأصل لخلق الخليقة إنما هو لِفَيض الإحسان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015