قد ظهر مما تقدم أن الروح خُلِقَتْ خِلْقة وفُطِرَتْ فطرة على أنها مريدة محبة لفاطرها وأن هذا عملها وهذه وظيفتها كوظيفة الإبصار للعين والسمع للأذن وبقية الأعضاء لوظائفها، وأن الروح هي الأصل والأعضاء فروع بالنسبة إليها إذْ هي المتصرفة في أعضاء البدن بتصريف خالقها لها.
والمراد أن لها مراداً واحداً ومطلباً واحداً ومحبوباً واحداً إذا صُرفت عن إرادته وطلبه وحبه فهي ولابد مُتألمة معذّبة، فألَمها وعذابها بالوحشة التي حصلت لها بدل الأنس بمحبوبها الحق الذي فطرت عليه، وألمها وعذابها بالتغيّر الذي اعتراها من الجمال إلى القبح ومن الإشراق إلى الظلمة ومن العز إلى الذل ومن السّعة