إذا تبين ما تقدم فيقال هنا: إن الإنسان إذا نشأ ولم يعرض لِفطرته وخِلْقته عارض صارف لها عما فُطِرتْ عليه فإن روحه تبقى على الأصل الذي تقدم بيانه فتطلب وتستدعي ما جاءت به الرسل طلباً بإرادة ومحبة كما يطلب البدن السليم ويستدعي الأغذية والأشربة الملائمة الطيبة التي فيها قوام حياته إذْ أن ما أتتْ به الرسل هو قوام الأرواح وحياتها والعمل به هو رَوْحِها وفيه سرورها ونعيمها، وبالقيام به يحفظ الله لها ما أصَّلَ فيها في الخِلْقة الأولى ويُنَمِّيه ويزيده كل بحسب إخلاصه ومتابعته.
فبالعمل بالشريعة تقوم الروح بوظيفتها التي من أجلها خُلِقت، ومن هنا تترقى في درجات الجمال والكمال بتوافق الفطرة والشرْعة، حتى تصل إلى المقام والحد الذي سبق لها بتقدير فاطرها الوصول إليه في ختام حياتها، وهنا اسْتَحْضِرْ ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في