كان الوليد صاحب بناء واتخاذ المصانع والضياع، وكان الناس يلتقون في زمانه فإنما يسأل بعضهم بعضاً عن البناء والمصانع، فولى سليمان فكان صاحب نكاح وطعام، فكان الناس يسأل بعضهم بعضاً عن التزويج والجواري، فلما ولي عمر بن عبد العزيز كانوا يلتقون فيقول الرجل للرجل ما وراءك الليلة، وكم تحفظ من القرآن ومتى تختم، ومتى ختمت، وما تصوم من الشهر (?)؟
جاء عن عمر بن عبد العزيز في خطابه الذي أرسل ليقرأ على الحجاج في موسم الحج:. .. ولولا أن أشغلكم عن مناسككم لرسمت لكم أموراً من الحق أحيا ها الله لكم، وأموراً من الباطل أماتها الله عنكم، وكان الله هو المتوحد بذلك فلا تحمدوا غيره، فإنه لو وكلني إلى نفسي كنت كغيري والسلام عليكم (?). ولاشك أن عمر بن عبد العزيز حرص على تحكيم شرع الله في دولته وبذلك منحه الله نعمة عظيمة ألا وهي الهداية والتثبيت على الحق، قال تعالى: ((فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) (النساء، الآية: 65). ثم قال سبحانه وتعالى بعدها: ((وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا)) (النساء، الآيات: 66، 67، 68) والأمر الذي وعظوا به ووعدوا الخير لا جله: هو تحكيم الشريعة والإنقياد للرسول (صلى الله عليه وسلم)، فلو أنهم إمتثلوا لما أمروا لثبت الله أقدامهم على الحق فلا يضطربون في دينهم، ولآتاهم الهداية التي لا عوج فيها بحيث توصلهم إلى الأجر العظيم (?).
إن الهداية والثبات على الأمر، هبة يهبها الله لمن تمخض قلبه لا مره وانقادت جوارحه لحكمه (?).
إن خلافة عمر بن عبد العزيز حجة تاريخية على من لا يزال يردد ترديد الببغاء للكلمات والأصوات القائلة: إن الدولة التي تقوم على الأحكام الإسلامية والشريعة