والمستقبل، ومن هذا التعريف العام يمكن أن نقول: أن التخطيط في الإسلام هو الإستعداد في الحاضر لما يواجهه الإنسان في عمله , أو حيا ته في المستقبل (?). وعمر بن عبد العزيز لم يكن ليتخذ قراراً دونما تخطيط، وتوخ لعواقب الأمور، وأخذها بعين الإعتبار، ولعل من أهم المؤشرات على إدراك عمر لأهمية التخطيط والتفكير في الأمور قوله لرجاء: يا رجاء: إني لي عقلاً أخاف أن يعذبني الله عليه (?) , وكان عمر بن عبد العزيز يعتمد على الله ثم جمع المعلومات والقدرة على حسن قرأتها، واستشراف المستقبل وتحقيق الأهداف المطلوبة، ففي ذلك يقول عمر: من عمل على غير علم كان يفسد أكثر مما يصلح (?)، وقد كان عمر بن عبد العزيز في تخطيطه يضع الأهداف ويختار السياسات، ويحدد الإجراءات ويبلور العمل في خطه ففي إطار بلورة الأهداف كان هناك هدف رئيسي يسعى عمر لتحقيقه ألا وهو الإصلاح والتجديد الراشدي على منهاج النبوة والخلافة الراشده، والقيا م بكل مقومات هذا المشروع الإصلاحي من إقامة العدل والحق وإزالة الظلم، وإعادة الإنسجام بين الإنسان وبين الكون والحياة وخالقهما في إطار الفهم الشمولي للإسلام وأما إختيار السياسات كأحد مقومات التخطيط، فإنه قد تجلى ذلك في تطبيقات عمر للتخطيط الإداري، ولا أدل على ذلك من عزم عمر على الإكتفاء بالكتاب الكريم والسنة الشريفة (?)،
وأنه غير مستعد للإستماع إلى أي جدل في مسائل الشرع، والدين، على أساس أنه حاكم منفذ وأن الشرع من جانبه على نفسه وعلى رعيته، كما ألزم الرعية بالتمسك بذلك الشرع القويم (?)، هذا في إطار تحديد وإختيار السياسة العامة، أما تحديد الإجراءات كأحد مقومات التخطيط أيضاً، فإن ذلك يتضح من خلال الإجراءات التي حددها لتنفيذ هذه السياسة من اللقاء الأول مع الأمة عند وضع شروطاً لصحبته والتي قد بينتها فيما مضى وأما بلورة طريقة العمل، فإنه قد وضح بأنه منفذ وليس مبتدع ـ أي منفذاً لتعاليم الدين وأن الطاعة لمن أطاع الله (?) ـ وأن يكون أساس العمل إقامة العدل والإصلاح