لم تكن سياسة عمر المالية ارتجالية فهو مسئول عن دولة وكان يحسب حساباً لكل خطوة يخطوها ويضع الضمانات لكل عمل يعتزم تنفيذه (?). ولقد سار في سياسته على أمور منها:
ـ العزم على الاعتصام بالكتاب والسنة، والتضحية قي سبيل ذلك، وهذا ما يبدوا واضحاً من كتبه للعمال وخطبه إلى رعيته ومثال ذلك قوله: سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سنناً الأخذ بها اعتصام بكتاب الله وقوة على دين الله، ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها، ولا النظر في أمر خالفها (?).
ـ ترسيخ قيم الحق والعدل ودفع الظلم: وهذا هو أساس سياسة عمر، فجميع الأهداف والوسائل التي اتبعها كانت تنسجم مع هذا الأساس، وإحقاق الحق ودفع الظلم هو أصل من أصول الشريعة، ومقصد رئيسي من مقاصدها قال تعالى: ((لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)) (الحديد، الآية: 25). يقول ابن القيم: فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة (?). ولقد كان عمر يرجع للحق إذا تبين له الخطأ، ويقول في ذلك: ما من طينة أهون عليّ فتّاً ولا كتاب أيسر عليّ رداً من كتاب قضيت به، ثم أبصرت أن الحق في غيره ففتتها (?).
لقد سعى عمر بن عبد العزيز لإعادة توزيع الدخل والثروة بالشكل العادل، الذي يرضى الله تعالى ويحقق قيم الحق والعدل والظلم، والتي وضعها عمر نصب عينيه