وحدود الدولة الإسلامية والإهتمام بفتح العقول، وأحياء القلوب وتطهير النفوس للشعوب الجديدة التي دخلت في الإسلام ولذلك بدأ يرسل سرايا الدعاة والعلماء للبدو القاطنين داخل الدولة الإسلامية وللشعوب التي كانت في أشد حاجة لتعاليم الإسلام.
ركز عمر جهوده بالبناء الداخلي للدولة لترسيخ وحدتها وأمنها ونشر العلم وتوصيله لكل أفراد الأمة ما أمكن لذلك سبيلا، كما اهتم على نشر العدل بين الرعية وإزاحة الضغائن والأحقاد من بين المسلمين وقد استهدف عمر بن العزيز قلوب الناس وعقولهم ونفوسهم بتعاليم الإسلام ووضع مشروعاً كبيراً لتحقيق ذلك الهدف العظيم ولم يكن عمر بالإنسان الذي تستهويه المشاريع الكبرى، فيقف عند حدود الخيال لا يتعداه، بل حوّل مشروعه إلى برنامج عملي قابلاً للتطبيق، بعدما مهد الظروف، وأحاط برامجه بالضمانات العملية وهيَ له الأسباب مما جعله يحيله إلى واقع مشهود وقد ساعده على نجاح مشروعه الدعوي التربوي العلمي أمور منها:
1ـ وضع قانون التفرغ للدعاة: حيث الزم الدولة بكفالة عدد من العلماء والدعاة والمفكرين، كي تتيح لهم التفرغ الكامل لا نجاز مشاريع فكرية دعوية التي يعكفون عليها باختيار أو بتوجيه من الدولة، فأجرى الأرزاق على العلماء ورتب لهم الرواتب يتفرغوا لنشر العلم ويكفوا مؤونة الاكتساب (?)، فقارئ القرآن الذي حفظه وقام يقرئه للناس ويعلمهم أحكامه والمحدث الذي يعقد مجالس الإملاء وينشر الحديث النبوي، والفقيه الذي ينظر في الكتب ويستنبط منها ويعلم الناس أمور دينهم ليعبدوا الله على بصيرة، والطالب الذي يتفرغ للعلم أو البحث والدرس، كل أولئك قد يشغلهم أمر ذويهم وأبنائهم وسدّ حاجتهم وتدبير أمور معاشهم، فقام عمر بقطع هذا الهاجس عنهم، وكفل لهم ولمن يعولون ما يعيشون به حياة كريمة، تتكفل به الدولة، ويؤخذ من بيت المال، ونعمّا ما فعل رضي الله عنه، فبذلك شجع كل من وجد في نفسه الإمكانية لنشر العلم وخدمة الدين