وأعلمكه من قضاء الله فلا أعلم، من ينوح عليه في شيء من قبلك، ولا اجتمع على ذلك أحد من الناس، ولا رخصت فيه لقريب ولا بعيد، واكفني في ذلك بكفاية الله ولا ألو منَّك فيه ـ إن شاء الله ـ والسلام عليك (?). وجاء في رواية: لما هلك عبد الملك بن عمر قال أبوه: يا بني، لقد كنت كما قال الله عز وجل: ((الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)) (الكهف، آية: 146).
وإني لأرجو أن تكون اليوم من الباقيات الصالحات التي هي خير ثواباً وخير أملاً. والله ما يسرني أني دعوتك فأجبتني (?). وقد توفي عبد الملك بن عمر وكان عمره تسع عشرة سنة (?). وكان عمر بن عبد العزيز يثني على ولده وقال لابنه ذات يوم: يا عبد الملك إني أخبرك خبراً: لا والله ما رأيت فتى ماشياً قط أنسك منك نسكاً ولا أفقه فقهاً ولا أقرأ منك، ولا أبعد في صبوة في صغير ولا كبير (?). وقال عمر بن عبد العزيز والله لولا أن يكون بي زينة من أمر عبد الملك ما يُزين في عين الوالد من ولده لرأيت أنه أهل للخلافة (?)، وجاء في رواية: إن عبد الملك لما توفي جعل أبوه يثني عليه عند قبره، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، لو بقي كنت تعهد إليه؟ قال: لا، قال: لم؟ وأنت تثني عليه؟ قال: أخاف أن يكون زُيِّن في عيني منه ما يُزيِّن في عين الوالد من ولده (?)، وقال ميمون بن مهران: ما رأيت ثلاثة في بيت خيراً من عمر بن العزيز، وابنه عبد الملك، ومولاهم مزاحم (?). هذا من نتائج المنهج التربوي والعلمي الذي سار عليه عمر في تربية أولاده.
كان اهتمامه بإصلاح المجتمع كبيراً وعمل على إزالة ما يتفشى فيه من المنكرات، وقد كتب في ذلك إلى أحد ولاته كتاباً طويلاً بليغاً، فورد بعض فقراته للأهمية وعظيم الفائدة، وفيه يقول: