يبغضه، فقد تحرى رحمه الله العدل حتى إيثاره لابن الحارثية أن ينام معه، إذ تركه خشية أن يكون جوراً (?)، وفي هذا الصدد يروى عن عبد العزيز ابن عمر بن عبد العزيز قوله: كان عمر بن عبد العزيز له ابن من امرأة من بلحارث بن كعب، وكان يحبه وينام في بيته، قال: فتعرضت له ذات ليلة، فقال: أعبد العزيز؟ قلت: نعم. قال: شرٌ ما جاء بك؟ ادخل، فجلست عند شاذكونته (?)، وهو يصلي .. فأتاني فقال: مالك؟ فقلت: ليس أحد أعلم بولد الرجل منه، وإنك تصنع بابن الحارثية ما لا تصنع بنا، فلست آمن أن يقال ما هذا إلا من شيء تراه عنده ولا تراه عندنا. فقال: أعلمك هذا أحد؟ فقلت: لا. قال: فأعد عليّ. فأعدت عليه. فقال: أرجع إلي بيتك. فرجعت، فكنت أنا وإبراهيم وعاصم وعبد الله ـ وهم من أخوانه ـ نبيت جميعاًُ فإذا نحن بفراش يحمل وتبعه ابن الحارثية ـ وهو أخوهم ـ فقلنا: ما شأنك؟ قال: شأني ما صنعت بي، قال: كأنه خشي أن يكون جوراً (?).

6 ـ تنمية الأخلاق الفاضلة عندهم

6 ـ تنمية الأخلاق الفاضلة عندهم: كان يحرص على تنمية الأخلاق الفاضلة عند أولاده ويتحين الفرص لتحقيق ذلك ما استطاع، ففي سياق رسالته رحمه الله إلى ولده عبد الملك، وهو في المدينة ينهاه عن التفاخر والمباهاة في الكلام، والإعجاب بالنفس، والغرور والتعالي على الناس، فيقول له: .. وإياك أن تفحر بقولك، وأن تعجب بنفسك أو يخيل إليك إن ما رزقته لكرامة لك على ربك، وفضيلة على من لم يرزق مثل غناك (?).

7 ـ تربية أولاده على الزهد والاقتصاد في المعيشة

7 ـ تربية أولاده على الزهد والاقتصاد في المعيشة: تتجلى شخصية عمر رحمه الله التربوية بقدرته على جعل أولاده يتقبلون التحول من فترة النعيم إلى فترة الزهد والتقشف، وأن يقنعهم بالعيش كعامة الناس، بدلاً من حياة الترف والرفاهية، فمن أول إجراءاته إن جاء في سياق رسالته التربوية لابنه عبد الملك وهو في المدينة والتي جاء فيها: .. فإن ابتلاك الله بغنى اقتصد في غناك، وضع لله نفسك، وأد إلى الله فرائض حقه من مالك ـ يقصد الزكاة والصدقة وعدم الإسراف ـ وقل كما قال العبد الصالح: ((هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015