صبا الرجل إِذا عشق وَهوى وَقد يُقَال صابىء بِالْهَمْز من صبا يصبو بِغَيْر همز وَأَن الصابئون الَّذين ذكرهم أَبُو الْعَالِيَة فأصله من صَبأ يصبأ صَبأ وصبوأ إِذا خرج عَن دين إِلَى آخر وَهَذِه الطَّائِفَة يسمون الصابئين وَاخْتلف فِي تَفْسِيره فَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة هم فرقة من أهل الْكتاب يقرؤن الزبُور وَقد وصل هَذَا التَّعْلِيق ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الرّبيع بن أنس عَنهُ وَعَن مُجَاهِد لَيْسُوا بيهود وَلَا نَصَارَى وَلَا دين لَهُم وَلَا تُؤْكَل ذَبَائِحهم وَلَا تنْكح نِسَاؤُهُم وَكَذَا روى عَن الْحسن وَابْن نجيح وَقَالَ ابْن زيد الصابئون أهل دين من الْأَدْيَان كَانُوا بالجزيرة جَزِيرَة الْموصل يَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَيْسَ لَهُم عمل وَلَا كتاب وَلَا نَبِي وَلم يُؤمنُوا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَن الْحسن قَالَ أخبر زِيَاد أَن الصابئين يصلونَ إِلَى الْقبْلَة وَيصلونَ الْخمس قَالَ فَأَرَادَ أَن يضع عَلَيْهِم الْجِزْيَة فَأخْبر بعد أَنهم يعْبدُونَ الْمَلَائِكَة وَعَن قَتَادَة وَأبي جَعْفَر الرَّازِيّ هم قوم يعْبدُونَ الْمَلَائِكَة وَيصلونَ إِلَى الْقبْلَة ويقرؤن الزبُور وَفِي الْكتاب الزَّاهِر لِابْنِ الْأَنْبَارِي هم قوم من النَّصَارَى قَوْلهم أَلين من قَول النَّصَارَى قَالَ الله تَعَالَى {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} فَيُقَال الَّذين آمنُوا هم المُنَافِقُونَ أظهرُوا الْإِيمَان وأضمروا الْكفْر وَالَّذين هادوا الْيَهُود المغيرون المبدلون وَالنَّصَارَى المقيمون على الْكفْر بِمَا يصفونَ بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من الْمحَال والصابئون الْكفَّار أَيْضا المفارقون للحق وَيُقَال الَّذين آمنُوا الْمُؤْمِنُونَ حَقًا وَالَّذين هادوا الَّذين تَابُوا وَلم يُغيرُوا أَو النَّصَارَى نصار عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام والصابئون الخارجون من الْبَاطِل إِلَى الْحق من آمن بِاللَّه مَعْنَاهُ من دَامَ مِنْهُم على الْإِيمَان بِاللَّه تَعَالَى فَلهُ أجره وَفِي كتاب الرشاطي الصابي نسبه إِلَى صابي بن متوشلخ بن خنوخ بن برد بن مهليل بن فتين بن ياش بن شِيث بن آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقَالَ أَبُو الْمعَانِي فِي كِتَابه الْمُنْتَهى هم جنس من أهل الْكتاب يَزْعمُونَ أَنهم من ولد صاب بن إِدْرِيس النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقيل نسبتهم إِلَى الصابىء بن ماري وَكَانَ فِي عصر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقَالَ النَّسَفِيّ فِي منظومته

(الصابئيات كالكتابيات ... فِي حكم حل العقد والذكاة)

وَشَرحه أَن أَبَا حنيفَة يَقُول إِنَّهُم يَعْتَقِدُونَ نَبيا وَلَهُم كتاب فَتحل مناكحة نِسَائِهِم وتؤكل ذَبَائِحهم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هم يَعْتَقِدُونَ الْكَوَاكِب فَلَا تحل مناكحة نِسَائِهِم وَلَا تُؤْكَل ذَبَائِحهم

7 - (بَاب إِذَا خافَ الجُنُبُ على نَفْسِهِ المَرَضَ أَوَ المَوْتَ أوْ خَافَ الْعَطَشَ تيمَّم)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا خَافَ الْجنب: الخ. وَقد ذكر فِيهِ حكم ثَلَاث مسَائِل.

الأولى: إِذا خَافَ الْجنب على نَفسه الْمَرَض يُبَاح لَهُ التَّيَمُّم مَعَ وجود المَاء، وَهل يلْحق بِهِ خوف الزِّيَادَة؟ فِيهِ قَولَانِ للْعُلَمَاء وَالشَّافِعِيّ، وَالأَصَح عِنْده: نعم، وَبِه قَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالثَّوْري، وَعَن مَالك رِوَايَة بِالْمَنْعِ، وَقَالَ عَطاء وَالْحسن الْبَصْرِيّ فِي رِوَايَة: لَا يستباح التَّيَمُّم بِالْمرضِ أصلا وَكَرِهَهُ طَاوس، وَإِنَّمَا يجوز لَهُ التَّيَمُّم عِنْد عدم المَاء، وَأما مَعَ وجوده فَلَا، وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد، ذكره فِي (التَّوْضِيح) . وَفِي (شرح الْوَجِيز) : أما مرض يخَاف مِنْهُ زِيَادَة الْعلَّة وبطء الْبُرْء، فقد ذكرُوا فِيهِ ثَلَاث طرق، أظهرها أَن فِي جَوَاز التَّيَمُّم لَهُ قَولَانِ: أَحدهمَا الْمَنْع، وَهُوَ قَول أَحْمد، وأظهرهما الْجَوَاز وَهُوَ قَول الْإِصْطَخْرِي وَعَامة أَصْحَابه، وَهُوَ قَول مَالك وَأبي حنيفَة. وَفِي (الْحِلْية) : وَهُوَ الْأَصَح. وَإِن كَانَ مرض لَا يلْحقهُ بِاسْتِعْمَال المَاء ضَرَر كالصداع والحمى لَا يجوز لَهُ التَّيَمُّم، وَقَالَ دَاوُد: يجوز، ويحكى ذَلِك عَن مَالك، وَعنهُ أَنه لَا يجوز. وَلَو خَافَ من اسْتِعْمَال المَاء شَيْئا فِي الْمحل، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس؛ لَا يجوز لَهُ التَّيَمُّم على مَذْهَب الشَّافِعِي، وَقَالَ غَيره إِن كَانَ الشين كأثر الجدري والجراحة لَيْسَ لَهُم التَّيَمُّم، وَإِن كَانَ يشوه من خلقه ويسود من وَجهه كثيرا فِيهِ قَولَانِ. وَالثَّانِي من الطّرق أَنه: لَا يجوز قطعا، وَالثَّالِث: أَنه يجوز قطعا.

الثَّانِيَة: إِذا خَافَ الْجنب على نَفسه الْمَوْت يجوز لَهُ التَّيَمُّم بِلَا خلاف، وَفِي قاضيخان: الْجنب الصَّحِيح فِي الْمصر إِذا خَافَ الْهَلَاك للبرد جَازَ لَهُ التَّيَمُّم، وَأما الْمُسَافِر، إِذا خَافَ الْهَلَاك من الِاغْتِسَال جَازَ لَهُ التَّيَمُّم بالِاتِّفَاقِ، وَأما الْمُحدث فِي الْمصر فَاخْتَلَفُوا فِيهِ على قَول أبي حنيفَة، فجوزه شيخ الْإِسْلَام، وَلم يجوزه الْحلْوانِي.

الثَّالِثَة: أَنه إِذا خَافَ على نَفسه الْعَطش يجوز لَهُ التَّيَمُّم، وَكَذَا عندنَا إِذا خَافَ على رَفِيقه أَو على حَيَوَان مَعَه نَحْو دَابَّته وكلبه وسنوره وطيره. وَفِي (شرح الْوَجِيز) : لَو خَافَ على نَفسه أَو مَاله من سبع أَو سَارِق فَلهُ التَّيَمُّم، وَلَو احْتَاجَ إِلَى المَاء لعطش فِي الْحَال أَو توقعه فِي الْمَآل، أَو لعطش رَفِيقه أَو لعطش حَيَوَان مُحْتَرم جَازَ لَهُ التَّيَمُّم. وَفِي (الْمُغنِي) لِابْنِ قدامَة؛ أَو كَانَ المَاء عِنْد جمع فساق فخافت الْمَرْأَة على نَفسهَا الزِّنَا جَازَ لَهَا التَّيَمُّم.

قَوْله: (أَو خَافَ الْعَطش) ، غير مقتصر على الْجنب الَّذِي يخَاف الْعَطش، بل الْجنب والمحدث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015