{بِسم الله الرحمان الرَّحِيم}
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الِاعْتِصَام، وَهُوَ افتعال من الْعِصْمَة، وَهَذِه التَّرْجَمَة مقتبسة من قَوْله تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُم أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} إِذْ المُرَاد بالحبل الْكتاب وَالسّنة على سَبِيل الِاسْتِعَارَة المصرحة، والقرينة الْإِضَافَة إِلَى الله، وَالْجَامِع كَونهمَا سَببا للمقصود الَّذِي هُوَ الثَّوَاب، كَمَا أَن الْحَبل سَبَب للمقصود من السَّقْي وَنَحْوه، وَالْمرَاد بِالْكتاب الْقُرْآن المتعبد بتلاوته، وبالسنة مَا جَاءَ عَن النَّبِي من أَقْوَاله وأفعاله وَتَقْرِيره وَمَا هَمَّ بِفِعْلِهِ.
7268 - حدّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدثنَا سُفْيانُ، عنْ مِسْعَرٍ وغَيْرِهِ عنْ قَيْس بنِ مُسْلِمٍ، عنْ طارِقِ بنِ شهَاب قَالَ: قَالَ رجُلٌ مِنَ اليَهُودِ لِعُمَرَ: يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ لَوْ أنَّ عَلَيْنا نَزَلَتْ هاذِهِ الآيةُ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالاَْزْلاَمِ ذاَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} لاتَّخَذْنا ذالِكَ اليَوْمَ عِيداً. فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي لأعْلَمُ أيَّ يَوْمٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ.
سَمِعَ سُفْيانُ مِن مِسْعَرٍ، ومِسْعَرٌ قَيْساً وقَيْسٌ طارِقاً.
ا
وَجه ذكر هَذَا الحَدِيث عقيب هَذِه التَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْآيَة تدل على أَن هَذِه الْأمة معتصمة بِالْكتاب وَالسّنة لِأَن الله تَعَالَى منَّ عَلَيْهِم بِهَذِهِ الْآيَة بإكمال الدّين وإتمام النِّعْمَة وبرضاه لَهُم بدين الْإِسْلَام.
والْحميدِي عبد الله بن الزبير بن عِيسَى مَنْسُوب إِلَى أحد أجداد حميد بِالضَّمِّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، ومسعر بِكَسْر الْمِيم ابْن كدام بِكَسْر الْكَاف وَتَخْفِيف الدَّال. قَوْله: وَغَيره قيل: يحْتَمل أَن يكون سُفْيَان الثَّوْريّ فَإِن أَحْمد أخرجه من رِوَايَته عَن قيس بن مُسلم الجدلي بِفَتْح الْجِيم وَالدَّال الْمُهْملَة الْكُوفِي، كَانَ عابداً ثِقَة ثبتاً لكنه نسب إِلَى الإرجاء، وَهُوَ يروي عَن طَارق بن شهَاب الأحمسي مَعْدُود فِي الصَّحَابَة لِأَنَّهُ رأى النَّبِي، لَكِن لم يثبت لَهُ مِنْهُ سَماع.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب زِيَادَة الْإِيمَان ونقصانه، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: يَوْم عَرَفَة هُوَ غير منصرف، وعرفات منصرف لِأَن عَرَفَة علم للزمان الْمعِين، وعرفات اسْم جنس لَهُ.
قَوْله: سمع سُفْيَان من مسعر إِلَى آخِره، من كَلَام البُخَارِيّ وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن العنعنة الْمَذْكُورَة من هَذَا السَّنَد مَحْمُولَة عِنْده على السماع لاطلاعه على سَماع كل مِنْهُم من شَيْخه، فَافْهَم.
7269 - حدّثنا يَحْياى بنُ بُكَيْرٍ، حَدثنَا اللَّيثُ، عنْ عُقَيْلٍ، عنِ ابنِ شِهابٍ أَخْبرنِي أنَسُ بنُ مالِكٍ أنَّه سَمِعَ عُمَرَ الْغَدَ حِينَ بايَعَ المُسْلِمُونَ أَبَا بَكْرٍ، واسْتَوَى عَلى مِنْبَرِ رسُولِ الله تَشَهَّدَ قَبْلَ أبي بَكْرٍ فَقَالَ: أمَّا بَعْدُ فاخْتَارَ الله لِرَسُولِهِ الّذِي عِنْدَهُ عَلى الّذي عِنْدَكُمْ، وهاذَا الكِتابُ الَّذِي هَدَى الله بِهِ رسُولَكُمْ فَخُذُوا بِهِ تَهْتَدُوا، وإنَّما هَدَى الله بِهِ رَسُولَهُ.
انْظُر الحَدِيث 7219
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: وَهَذَا الْكتاب ... إِلَى آخِره، يفهم من لَهُ ذوق من دقائق التراكيب.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْأَحْكَام فِي: بَاب الِاسْتِخْلَاف، بأتم مِنْهُ.
قَوْله: الْغَد أَي فِي الْيَوْم الثَّانِي من يَوْم الْمُبَايعَة الأولى الْخَاصَّة بِبَعْض الصَّحَابَة. قَوْله: الَّذِي عِنْده أَي: فِي الْآخِرَة على الَّذِي عنْدكُمْ أَي: فِي الدُّنْيَا.
7270 - حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا وُهَيْبٌ، عنْ خالدٍ، عنْ عِكْرِمَةَ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّني إلَيْهِ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتابَ
ا