وبالراء قَبيلَة، وَيُقَال: ربيعَة وَمُضر أَخَوان، يُقَال: ربيعَة الْخَيل وَمُضر الْحَمْرَاء، لِأَنَّهُمَا لما اقْتَسمَا الْمِيرَاث أَخذ مُضر الذَّهَب وَرَبِيعَة الْفرس وَلم يكن لَهُم الْوُصُول إِلَى الْمَدِينَة إلاَّ عَلَيْهِم، وَكَانُوا يخَافُونَ مِنْهُم إلاَّ فِي الشَّهْر الْحَرَام. قَوْله: من وَرَاءَنَا بِحَسب الْمَكَان من الْبِلَاد الْبَعِيدَة. أَو بِحَسب الزَّمَان من الْأَوْلَاد وَنَحْوهم، ويروى: من وَرَائِنَا بِكَسْر الْمِيم. قَوْله: وتؤتوا من الْمَغَانِم قَالَ الْكرْمَانِي: لم عدل عَن أسلوب أخواته؟ قلت: للإشعار بِمَعْنى التجدد لِأَن سَائِر الْأَركان كَانَت ثَابِتَة قبل ذَلِك. بِخِلَاف الْخمس فَإِن فرضيته كَانَت متجددة، وَلم يذكر الْحَج لِأَنَّهُ لم يفْرض حينئذٍ، أَو لأَنهم لَا يَسْتَطِيعُونَ الْحَج بِسَبَب لِقَاء مُضر. فَإِن قلت: الْمَذْكُور خمس لَا أَربع؟ قلت: لم يَجْعَل الشَّهَادَة من الْأَرْبَع لعلمهم بذلك، وَإِنَّمَا أَمرهم بِأَرْبَع لِأَنَّهُ لم يكن فِي علمهمْ أَنَّهَا من دعائم الْإِيمَان. قَوْله: والدباء بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالمد اليقطين والمزفت بتَشْديد الْفَاء المطلي بالزفت والنقير بِفَتْح النُّون وَكسر الْقَاف الْجذع المنقور الْوسط كَانُوا ينبذون فِيهِ. قَوْله: وَرُبمَا قَالَ أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس: المقير، أَي المطلي بالقار وَهُوَ الزفت، وَالنَّهْي عَن الظروف لَكِن المُرَاد مِنْهُ النَّهْي عَن شرب الأنبذة الَّتِي فِيهَا.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان خبر الْمَرْأَة الْوَاحِدَة هَل يعْمل بِهِ أم لَا؟ وَفِي التَّوْضِيح فِيهِ الْإِمْسَاك على شكّ فِيهِ حَتَّى يتَيَقَّن أمره.
7267 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيدِ، حدّثنا مُحَمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ تَوْبَةَ العَنْبَرِيِّ، قَالَ: قَالَ لي الشَّعْبيُّ: أرَأيْتَ حَدِيثَ الحَسَنِ عنِ النَّبيِّ وقاعَدْتُ ابنَ عُمَرَ قَرِيباً مِنْ سَنْتَيْنِ أوْ سَنَةٍ ونِصْفٍ فَلَمْ أسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عنِ النَّبيِّ غَيْرَ هاذَا، قَالَ: كانَ ناسٌ مِنْ أصْحابِ النبيِّ فِيهِمْ سَعْدٌ فَذَهَبُوا يأكُلُونَ منْ لَحْمٍ فَنَادَتْهُمُ امْرأَةٌ مِنْ بَعْضِ أزْوَاجِ النَّبيِّ إنّهُ لَحْمُ ضبَ فأمْسَكُوا فَقَالَ رسولُ الله كُلُوا أَو اطْعَمُوا فإنَّهُ حَلاَلٌ أوْ قَالَ: لَا بأسَ بِهِ، شَكَ فِيهِ ولاكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: فأمسكوا حَيْثُ سمعُوا من كَلَام تِلْكَ الْمَرْأَة تركُوا الْأكل، فَدلَّ ذَلِك على أَن خبر الْمَرْأَة الْوَاحِدَة العدلة يعْمل بِهِ وَقَوله كلوا غير مُتَوَجّه إِلَى نفي كَلَامهَا بل هُوَ إِعْلَام بِأَنَّهَا تُؤْكَل وَإِنَّمَا منعتهم الْمَرْأَة لكَونهَا علمت أَن النَّبِي، مَا كَانَ يَأْكُل فبنت على هَذَا ومنعتهم، وَمَا علمت أَن ترك أكل النَّبِي من ذَلِك لكَونه يعافه بل لكَونه حَرَامًا.
وتوبة بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْوَاو وبالباء الْمُوَحدَة ابْن كيسَان الْعَنْبَري نِسْبَة إِلَى بني العنبر بطن مَشْهُور من بني تَمِيم، وَالشعْبِيّ عَامر بن شرَاحِيل من كبار التَّابِعين، قيل: إِنَّه أدْرك خَمْسمِائَة صَحَابِيّ.
قَوْله: أَرَأَيْت من رُؤْيَة الْبَصَر والاستفهام للإنكار. قَوْله: حَدِيث الْحسن أَي: الْبَصْرِيّ عَن النَّبِي وَكَانَ الشّعبِيّ يُنكر على من يُرْسل الْأَحَادِيث عَن النَّبِي إِشَارَة إِلَى أَن الْحَامِل لفاعل ذَلِك طلب الْإِكْثَار من التحديث عَنهُ، وإلاَّ لَكَانَ يَكْتَفِي بِمَا سَمعه مَوْصُولا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: غَرَضه أَن الْحسن مَعَ أَنه تَابِعِيّ يكثر الحَدِيث عَن النَّبِي يَعْنِي: أَنه جريء على الْإِقْدَام عَلَيْهِ. وَعبد الله بن عمر مَعَ أَنه صَحَابِيّ يقلل فِيهِ محتاط مُحْتَرز مَا أمكن. قَوْله: وقاعدت ابْن عمر قَالَ بَعضهم: الْجُمْلَة حَالية. قلت: لَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ ابْتِدَاء كَلَام لبَيَان تقليل ابْن عمر فِي الحَدِيث أَي: جَلَست مَعَه قَرِيبا من سنتَيْن، أَو قَرِيبا من سنة وَنصف، فَلم أسمعهُ يحدث عَن النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، غير هَذَا وَأَشَارَ بِهِ إِلَى الحَدِيث الَّذِي بعده. وَهُوَ قَوْله: كَانَ نَاس من أَصْحَاب النَّبِي فيهم سعد هُوَ ابْن أبي وَقاص. قَوْله: فنادتهم امْرَأَة هِيَ مَيْمُونَة إِحْدَى زَوْجَات النَّبِي، قَوْله: شكّ فِيهِ أَي: قَالَ شُعْبَة: شكّ فِيهِ تَوْبَة الْعَنْبَري. قَوْله: لكنه أَي: لَكِن الضَّب لَيْسَ من طَعَامي أَي: من الطَّعَام المألوف بِهِ فأعافه.