أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ مَا أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ فِي النَّار، وَيذكر مَعْنَاهُ فِي الحَدِيث لِأَن قَوْله: مَا أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ، من لفظ الحَدِيث. وَقَوله: فَهُوَ فِي النَّار، لَيْسَ لفظ الحَدِيث هَكَذَا بل هُوَ مَا أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ من الْإِزَار فَفِي النَّار، وَاقْتصر فِي التَّرْجَمَة فِي الْجُزْء الثَّانِي وأطلقها وَلم يقيدها بِلَفْظ الْإِزَار قصدا للتعميم فِي الْإِزَار والقيمص وَنَحْو ذَلِك، وَقَالَ بَعضهم: بَاب، منون. قلت: لَيْسَ كَذَلِك لِأَن التَّنْوِين عَلامَة الْإِعْرَاب، وَالْإِعْرَاب لَا يكون إلاَّ فِي الْمركب وَكَيف يَقُول: بَاب، بِالتَّنْوِينِ؟ نعم، لَو قَالَ: تَقْدِيره: هَذَا بَاب، مثل مَا قُلْنَا لَكَانَ منوناً.
5787 - حدّثنا آدَمُ حدَّثنا شُعْبَةُ حَدثنَا سَعيدُ بنُ أبي سَعيدٍ المقْبُرِيُّ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ منَ الإِِزارِ فَفِي النَّار.
مطابقته للجزء الأول من للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ عينهَا.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن شُعْبَة بِهِ. وَفِي (التَّوْضِيح) . وَفِي الحَدِيث تَقْدِيم وَتَأْخِير مَعْنَاهُ: مَا أَسْفَل من الْإِزَار من الْكَعْبَيْنِ فِي النَّار، وَقيل: يَعْنِي: مَا أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ من الرجلَيْن فَأَما الثَّوْب فَلَا ذَنْب لَهُ، وروى عبد الرَّزَّاق عَن عبد الْعَزِيز بن أبي دَاوُد عَن نَافِع أَنه سُئِلَ عَن قَوْله فِي هَذَا الحَدِيث: مَا أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ، فَفِي النَّار من الثِّيَاب ذَلِك، قَالَ: وَمَا ذَنْب الثِّيَاب؟ بل هُوَ من الْقَدَمَيْنِ، وَقَالَ الْخطابِيّ: يُرِيد أَن الْموضع الَّذِي يَنَالهُ الْإِزَار من أَسْفَل الْكَعْبَيْنِ من رجله فِي النَّار، كنى بِالثَّوْبِ عَن بدن لابسه، وَقد أولُوا على وَجْهَيْن. إِن مَا دون الْكَعْبَيْنِ من قدم صَاحبه فِي النَّار عُقُوبَة لَهُ، أَو إِن فعله ذَلِك مَحْسُوب فِي جملَة أَفعَال أهل النَّار. وَقَالَ الْكرْمَانِي: كلمة: مَا، مَوْصُولَة وَبَعض صلته مَحْذُوف. وَهُوَ: كَانَ، وأسفل خَبره، وَيجوز أَن يرفع أَسْفَل أَي: مَا هُوَ أَسْفَل، وَهُوَ أفعل وَيحْتَمل أَن يكون فعلا مَاضِيا وَهَذَا مُطلق يجب حمله على الْمُقَيد وَهُوَ مَا كَانَ للخيلاء قَوْله: (فَفِي النَّار) إِنَّمَا دخلت الْفَاء لتضمن كلمة: مَا معنى الشَّرْط، ويروى بِدُونِ الْفَاء، وَهَكَذَا فِي غَالب نسخ البُخَارِيّ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ بِالْفَاءِ.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من جر ثَوْبه لأجل الْخُيَلَاء، وَكلمَة: من، للتَّعْلِيل، وَقد مر تَفْسِيره.
5788 - حدّثنا عبدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ أبي الزِّناد عنِ الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا يَنْظُرُ الله يَوْمَ القِيامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إزارَهُ بطَراً.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
والْحَدِيث من أَفْرَاده، وَقد مر تَفْسِير: لَا ينظر الله، عَن قريب.
قَوْله: (من) يتَنَاوَل الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي الْوَعيد الْمَذْكُور على هَذَا الْفِعْل الْمَخْصُوص فَلذَلِك سَأَلت أم سَلمَة عِنْد ذَلِك بقولِهَا: فَكيف تصنع النِّسَاء بذيولهن؟ على مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من جر ثَوْبه خُيَلَاء لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة، فَقَالَت أم سَلمَة: فَكيف تصنع النِّسَاء بذيولهن؟ فَقَالَ: يرخين شبْرًا. فَقَالَت: إِذا تنكشف أقدامهن؟ قَالَ: فيرخينه ذِرَاعا لَا يزدن عَلَيْهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث صَحِيح، وَفِي الحَدِيث رخصَة للنِّسَاء فِي جر الْإِزَار لِأَنَّهُ يكون أستر لَهُنَّ. وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله: الظَّاهِر أَن المُرَاد بالذراع ذِرَاع الْيَد وَهُوَ شبران، وَهُوَ الذِّرَاع الَّذِي يُقَاس بِهِ الْحصْر الْيَوْم، وَالدَّلِيل على ذَلِك مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من حَدِيث ابْن عمر فِي ترخيصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمهات الْمُؤمنِينَ فِي إرخائه شبْرًا، ثمَّ استزدنه فزادهن شبْرًا آخر. قَوْله: (بطراً) يحْتَمل وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون بِفتْحَتَيْنِ وَيكون مصدرا، وَمَعْنَاهُ طغياناً وتكبراً وَالْآخر: أَن يكون بِكَسْر الطَّاء وَيكون مَنْصُوبًا على الْحَال. وَقَالَ الرَّاغِب: البطر دهش يعتري الْمَرْء عِنْد هجوم النِّعْمَة عَن الْقيام بِحَقِّهَا.
5789 - حدّثنا آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ زِيادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ