ح دّثني مُحَمَّدٌ أخبرَنا عبْدُ الأعْلَى عنْ يُونُسَ عنِ الحَسَنِ عنْ أبي بَكْرَةَ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ ونَحْنُ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فقامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلاً حتَّى أتَى المَسْجِدَ، وثابَ النَّاسُ فَصَلَّى ركْعَتَيْنِ فَجُلِّيَ عنْها، ثُمَّ أقْبَلَ عَليْنَا وَقَالَ: إِن الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتان مِنْ آياتِ الله، فإذَا رأيْتُمْ مِنْها شَيْئاً فَصَلُّوا وادْعُوا الله حتَّى يَكْشِفَها.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَقَامَ يجر ثَوْبه مستعجلاً) وَمُحَمّد شيخ البُخَارِيّ ذكر مُجَردا. فَقَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ ابْن يُوسُف البُخَارِيّ البيكندي لِأَنَّهُ مِمَّن روى عَن عبد الْأَعْلَى. وَقد أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد بن الْمثنى عَن عبد الْأَعْلَى، فَيحْتَمل أَن يكون هُوَ أَبَاهُ وَعبد الْأَعْلَى هُوَ ابْن عبد الْأَعْلَى السَّامِي بِالسِّين الْمُهْملَة الْبَصْرِيّ، وَيُونُس هُوَ ابْن عبيد الْبَصْرِيّ، وَالْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ، وَأَبُو بكرَة اسْمه نفيعِ بن الْحَارِث الثَّقَفِيّ.
والْحَدِيث قد مضى فِي أول أَبْوَاب الْكُسُوف فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَمْرو بن عون عَن خَالِد عَن يُونُس عَن الْحسن عَن أبي بكرَة رَضِي الله عَنهُ ومنضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (فَقَامَ يجر ثَوْبه مستعجلاً) حالان متداخلان. قَوْله: (يجر) حَال من الضَّمِير الَّذِي فِي: قَامَ، (ومستعجلاً) حَال من الضَّمِير الَّذِي فِي: بَحر، وَفِيه دلَالَة على أَن جر الْإِزَار إِذا لم يكن خُيَلَاء جَازَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَأْس. قَوْله (وثاب النَّاس) بالثاء الْمُثَلَّثَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة يَعْنِي: رجعُوا إِلَى الْمَسْجِد بعد أَن كَانُوا خَرجُوا مِنْهُ. قَوْله: (فَجُليَ) بِضَم الْجِيم وَتَشْديد اللَّام الْمَكْسُورَة أَي: فكشف عَنْهَا، أَي: عَن الشَّمْس. قَوْله: (حَتَّى يكشفها) أَي: حَتَّى يكْشف الله الشَّمْس.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التشمير فِي الثِّيَاب والتشمير بالشين الْمُعْجَمَة من شمر إزَاره إِذا رَفعه، وشمر فِي أمره أَي: خف. وَقَالَ بَعضهم: بَاب التشمر فِي الثِّيَاب هُوَ بالشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمِيم رفع أَسْفَل الثَّوْب. قلت: جعله من بَاب التفعل وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ من بَاب التفعيل كَمَا ذكرنَا، وَالَّذِي ذكره مُخَالف للنسخ المعمتد عَلَيْهَا وللفظ الحَدِيث أَيْضا فَإِنَّهُ ذكر فِيهِ مشمراً، وَهُوَ من بَاب التشمير لَا من بَاب التشمر، وَلم يفرق بَين الْبَابَيْنِ.
5786 - حدّثني إسْحاقُ أخبرنَا ابنُ شُمَيْلٍ أخبرنَا عُمَرُ بنُ أبي زَائِدَةَ أخبرنَا عَوْنُ بنُ أبي جُحَيْفَةَ عنْ أبِيِهِ أبي جُحَيْفَةَ قَالَ: فَرَأيْتُ بِلالاً جاءَ بِعَنَزَةٍ فَرَكَزَها ثُمَّ أقامَ الصَّلاَةَ، فَرَأيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرَجَ فِي حُلَّةٍ مُشَمِّراً، فَصَلَّى ركْعَتَيْنِ إِلَى العَنَزَةِ، ورأيْتُ النَّاسَ والدَّوابَّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ وَرَاء العَنَزَةِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله (خرج فِي حلَّة مشمراً) وَإِسْحَاق شَيْخه، قَالَ الْكرْمَانِي: إِمَّا ابْن إِبْرَاهِيم وَإِمَّا ابْن مَنْصُور. قلت: ابْن إِبْرَاهِيم هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، وَابْن مَنْصُور هُوَ إِبْرَاهِيم بن مَنْصُور بن كوسج الْمروزِي، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، جزم بذلك أَبُو نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) قلت: الظَّاهِر أَنه ابْن رَاهَوَيْه، وَالنضْر بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة ابْن شُمَيْل. مصغر شَمل. بالشين الْمُعْجَمَة وَعمر بِضَم الْعين ابْن أبي زَائِدَة واسْمه خَالِد، وَهُوَ أَخُو زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة الْهَمدَانِي الْكُوفِي، وَأَبُو جُحَيْفَة بِضَم الْجِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالفاء اسْمه وهب بن عبد الله السوَائِي من صغَار الصَّحَابَة، قيل: مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ لم يبلغ الْحلم، نزل الْكُوفَة.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب ستْرَة الإِمَام ستْرَة لمن خَلفه، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة عَن عون إِلَى آخِره.
قَوْله: (بعنزة) بِفَتْح الْعين وَالنُّون وَالزَّاي وَهُوَ أطول من الْعَصَا وأقصر من الرمْح وَفِيه زج. قَوْله: (فِي حلَّة) وَهِي إِزَار ورداء وَلَا تسمى حلَّة حَتَّى تكون ثَوْبَيْنِ، وَتجمع على حلل وَهِي برود الْيمن.
وَفِيه: أَن التشمير فِي الصَّلَاة مُبَاح وَعند المهنة وَالْحَاجة إِلَيْهِ، وَهُوَ من التَّوَاضُع، وَنفي التكبر وَالْخُيَلَاء.