قبله، وَأما الَّذِي رَوَاهُ عبد الله بن زيد فقد أخرجه مَوْصُولا فِي بَاب مسح الرَّأْس كُله، وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فقد أخرجه مَوْصُولا فِي بَاب غسل الْوَجْه من غرفَة، وَقَالَ بَعضهم: وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الاستنثار، وَكَانَ المُصَنّف أَشَارَ بذلك إِلَى مَا رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم من حَدِيثه مَرْفُوعا: (استنثروا مرَّتَيْنِ بالغتين أَو ثَلَاثًا) ، وَلأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: (إِذا تَوَضَّأ أحدكُم واستنثر فَلْيفْعَل ذَلِك مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا) ، وَإِسْنَاده حسن قلت: لَيْسَ الْأَمر كَمَا ذكره، بل فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ ذكر الاستنثار، فَإِن فِي بعض النّسخ ذكر: واستنثر، مَوضِع قَوْله: واستنشق، وَقَوله: وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بذلك إِلَى مَا رَوَاهُ أَحْمد ... إِلَى آخِره، بعيد على مَا لَا يخفى، وَحَدِيث ابي دَاوُد أخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا، وَذكر الْخلال عَن أَحْمد أَنه قَالَ: فِي إِسْنَاده شَيْء، وَذكره الْحَاكِم فِي الشواهد وَابْن الْجَارُود فِي الْمُنْتَقى، وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : وَكَانَ يَنْبَغِي للْبُخَارِيّ إِذا عدرواة الاستنثار أَن يذكر بعد حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ من صَحِيح مُسلم، وَحَدِيث عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من (صَحِيح) ابْن حبَان، وَحَدِيث وَائِل بن حجر وَسَنَده جيد عِنْد الْبَزَّار، وَحَدِيث لَقِيط بن صبرَة وَقد تقدم، وَكَذَا حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَحَدِيث الْبَراء بن عَازِب روينَاهُ فِي كتاب (الْحِلْية) لأبي نعيم بِسَنَد جيد، وَحَدِيث سَلمَة بن قيس، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح، وَحَدِيث أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي رَوَاهُ كَامِل بن طَلْحَة الجحدري عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس عَنهُ، قَالَ ابو احْمَد الْحَاكِم: أَخطَأ فِيهِ كَامِل، وَحَدِيث الْمِقْدَام بن معدي كرب بِسَنَد جيد عِنْد ابي دَاوُد. قلت: لم يظْهر لي وَجه قَوْله: وَكَانَ يَنْبَغِي، فَإِن البُخَارِيّ مَا الْتزم بِذكر أَحَادِيث الْبَاب، وَلَا بتخريج كل حَدِيث صَحِيح، وَكم من صَحِيح عِنْد غَيره فَهُوَ لَيْسَ بِصَحِيح عِنْده.
161 - حدّثنا عَبْدَانُ قَالَ أخْبرنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أخْبرنا يُونسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبرني أبُو إدْرِيسَ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَن النَّبيِّ صلى الله عليْه وَسلم أنَّهُ قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ومَنِ اسْتجْمَرَ فَلْيُوتِرْ.
(الحَدِيث 161 طرفه فِي: 162) .
مُطَابقَة الحَدِيث فِي قَوْله: (من تَوَضَّأ فليستنثر) .
بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة. الأول: عَبْدَانِ هُوَ لقب ابْن عبد الله بن عُثْمَان الْمروزِي. الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك. الثَّالِث: يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: أَبُو إِدْرِيس عَائِذ الله بِالْهَمْزَةِ والذال الْمُعْجَمَة: ابْن عبد الله الْخَولَانِيّ، بِالْمُعْجَمَةِ، التَّابِعِيّ الْجَلِيل الْقدر، الْكَبِير الشَّأْن، كَانَ قَاضِيا بِدِمَشْق لمعاوية مَاتَ سنة ثَمَانِينَ. السَّادِس: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فالأربعة الأول تقدم ذكرهم بِهَذَا التَّرْتِيب فِي كتاب الْوَحْي، وَأَبُو إِدْرِيس مر ذكره فِي كتاب الْإِيمَان.
بَيَان لطائف اسناده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار بِصِيغَة الجمة والإفراد وَالسَّمَاع. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين مروزي وأيلي ومدني وشامي. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ: الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس.
بَيَان من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ بِهِ، وَعَن سعيد بن مَنْصُور عَن حسان بن إِبْرَاهِيم وَعَن حَرْمَلَة ابْن يحيى عَن ابْن وهب، كِلَاهُمَا عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد، كِلَاهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة وَعَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن ابْن مهْدي وَابْن مَاجَه أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن زيد ابْن الْحباب وَدَاوُد بن عبد الله الْجَعْفَرِي أربعتهم عَن مَالك بِهِ، وَقَالَ ابْن الفلكي: رَوَاهُ كَامِل بن طَلْحَة الجحدري عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي. قَالَ ابو احْمَد الْحَافِظ: إِن كَامِلا أَخطَأ فِيهِ.
بَيَان إعرابه وَمَعْنَاهُ قَوْله: (من تَوَضَّأ) كلمة: من، مَوْصُولَة تَتَضَمَّن معنى الشَّرْط. وَقَوله: (فليستنثر) جَوَاب الشَّرْط، فَلذَلِك دَخلته الْفَاء، وَكَذَلِكَ قَوْله: (وَمن استجمر فليوتر) . قَوْله: (فليستنثر) أَي: فَليخْرجْ المَاء من الْأنف بعد الِاسْتِنْشَاق مَعَ مَا فِي الْأنف من مخاط وغبار، وَشبهه، قيل ذَلِك لما فِيهِ من المعونة على الْقِرَاءَة وتنقية مجْرى النَّفس الَّذِي بِهِ التِّلَاوَة، وبإزالة مَا فِيهِ من التفل تصح مجاري الْحُرُوف، وَيُقَال: الْحِكْمَة فِيهِ التَّنْظِيف وطرد الشَّيْطَان، لِأَنَّهُ روى فِي رِوَايَة عِيسَى بن طَلْحَة عَن أبي هُرَيْرَة أخرجهَا البُخَارِيّ فِي بَدْء الْخلق: (إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من مَنَامه فَليَتَوَضَّأ فليستنثر ثَلَاثًا، فَإِن الشَّيْطَان يبيت على خيشومه) . قَوْله: (وَمن استجمر) من الِاسْتِجْمَار، وَهُوَ مسح مَحل الْبَوْل وَالْغَائِط بالجمار، وَهِي: الْأَحْجَار الصغار، وَيُقَال: