وَبَين الْأَحْجَار الَّتِي هِيَ للترخيص لكنه إِذا استجمر بِالْحِجَارَةِ فليجعل وترا وَإِلَّا فَلَا حرج إِلَى تَركه إِلَى غَيره وَلَيْسَ مَعْنَاهُ ترك التَّعَبُّد أصلا بِدَلِيل حَدِيث سلمَان نَهَانَا أَن نستنجي بِأَقَلّ من ثَلَاثَة أَحْجَار قلت الشَّارِع نفى الْحَرج عَن تَارِك الِاسْتِنْجَاء فَدلَّ على أَنه لَيْسَ بِوَاجِب وَكَذَلِكَ ترك الإيتار لَا يضر لِأَن ترك أَصله لما لم يكن مَانِعا فَمَا ظَنك بترك وَصفه فَدلَّ الحَدِيث على انْتِفَاء الْمَجْمُوع فَإِن قلت قَالَ الْخطابِيّ فِيهِ وَجه آخر وَهُوَ رفع الْحَرج فِي الزِّيَادَة على الثَّلَاث وَذَلِكَ أَن مُجَاوزَة الثَّلَاث فِي المَاء عدوان وَترك للسّنة وَالزِّيَادَة فِي الْأَحْجَار لَيست بعدوان وَإِن صَارَت شفعا قلت هَذَا الْوَجْه لَا يفهم من هَذَا الْكَلَام على مَا لَا يخفى على الفطن وَأَيْضًا مُجَاوزَة الثَّلَاث فِي المَاء كَيفَ تكون عُدْوانًا إِذا لم تحصل الطَّهَارَة بِالثلَاثِ وَالزِّيَادَة فِي الْأَحْجَار وَإِن كَانَت شفعا كَيفَ لَا يصير عُدْوانًا وَقد نَص على الإيتار فَافْهَم وَأهل الْمقَالة الأولى احْتَجُّوا بِظَاهِر الْأَوَامِر الْوَارِدَة فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وليستنج بِثَلَاثَة أَحْجَار وَفِي حَدِيث عَائِشَة الَّذِي أخرجه ابْن ماجة وَأحمد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا ذهب أحدهم إِلَى الْغَائِط فليذهب مَعَه بِثَلَاثَة أَحْجَار يَسْتَطِيب بِهن وَأَحَادِيث غَيرهمَا وَأجِيب بِأَن الْأَمر يحْتَمل أَن يكون على وَجه الِاسْتِحْبَاب والمحتمل لَا يصلح حجَّة إِلَّا بمرجح لأحد الْمعَانِي وَفِيمَا ذكر أهل الْمقَالة الثَّانِيَة أَيْضا أَعمال الْأَحَادِيث كلهَا وَفِيمَا قَالَه هَؤُلَاءِ إهمال لبعضها وَالْعَمَل بِالْكُلِّ أولى على مَا لَا يخفى الثَّالِث أَن الْأَحْجَار لَا تتَعَيَّن للاستنجاء بل يقوم مقَامهَا كل جامد طَاهِر قالع غير مُحْتَرم وتنصيصه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَيْهَا لكَونهَا الْغَالِب الميسر وجودهَا بِلَا مشقة وَلَا كلفة فِي تَحْصِيلهَا كَمَا ذَكرْنَاهُ مَبْسُوطا الرَّابِع فِيهِ النَّهْي عَن الِاسْتِنْجَاء بالعظم والروث وَاخْتلف الْعلمَاء فِيهِ فَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق والظاهرية لَا يجوز الِاسْتِنْجَاء بالعظام وَاحْتَجُّوا فِيهِ بِظَاهِر الحَدِيث وَقَالَ ابْن قدامَة فِي الْمُغنِي والخشب والخروق وكل مَا أنقى بِهِ كالأحجار إِلَّا الروث وَالْعِظَام وَالطَّعَام مقتاتا أَو غير مقتات فَلَا يجوز الِاسْتِنْجَاء بِهِ وَلَا بالروث وَالْعِظَام طَاهِرا كَانَ أَو غير طَاهِر وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق وَقَالَ ابْن حزم فِي الْمحلى وَمِمَّنْ قَالَ لَا يجزىء بالعظام وَلَا بِالْيَمِينِ الشَّافِعِي وَأَبُو سُلَيْمَان وَقَالَ القَاضِي وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَن مَالك فِي كَرَاهِيَة هَذَا يَعْنِي الِاسْتِنْجَاء بالعظم وَالْمَشْهُور عَنهُ النَّهْي عَن الِاسْتِنْجَاء بِهِ على مَا جَاءَ فِي الحَدِيث وَعنهُ أَيْضا أَنه أجَاز ذَلِك وَقَالَ مَا سَمِعت فِي ذَلِك بنهي عَام وَذهب بعض البغداديين إِلَى جَوَاز ذَلِك إِذا وَقع بمَكَان وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَفِي الْبَدَائِع فَإِن فعل ذَلِك يَعْنِي الِاسْتِنْجَاء بالعظم يعْتد بِهِ عندنَا فَيكون مُقيما سنة ومرتكبا كَرَاهِيَة قلت ذكر ابْن جرير الطَّبَرِيّ أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كَانَ لَهُ عظم يستنجي بِهِ ثمَّ يتَوَضَّأ وَيُصلي وشذ ابْن جرير فَأجَاز الِاسْتِنْجَاء بِكُل طَاهِر ونجس وَيكرهُ بِالذَّهَب وَالْفِضَّة عِنْد أبي حنيفَة وَعند الشَّافِعِي فِي قَول لَا يكره وَكره بعض الْعلمَاء الِاسْتِنْجَاء بِعشْرَة أَشْيَاء الْعظم والرجيع والروث وَالطَّعَام والفحم والزجاج وَالْوَرق والخرق وورق الشّجر والسعتر وَلَو استنجي بهَا أَجزَأَهُ مَعَ الْكَرَاهَة وَقَالَ بعض الشَّافِعِيَّة يجوز الِاسْتِنْجَاء بالعظم إِن كَانَ طَاهِرا لَا زهومة عَلَيْهِ لحُصُول الْمَقْصُود وَلَو أحرق الْعظم الطَّاهِر بالنَّار وَخرج عَن حَال الْعظم فَوَجْهَانِ عِنْد الشَّافِعِيَّة حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيّ أَحدهمَا يجوز الِاسْتِنْجَاء بِهِ لِأَن النَّار أحالته. وَالثَّانِي لَا لعُمُوم النَّهْي عَن الرمة وَهِي الْعظم الْبَالِي وَلَا فرق بَين البلي بالنَّار أَو بمرور الزَّمَان وَهَذَا أصح الْخَامِس فِيهِ كَرَاهَة الِاسْتِنْجَاء بِجَمِيعِ المطعومات فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام نبه بالعظم على ذَلِك ويلتحق بهَا المحترمات كأجزاء الْحَيَوَان وأوراق كتب الْعلم وَغير ذَلِك السَّادِس فِيهِ أعداد الْأَحْجَار للاستنجاء كي لَا يحْتَاج إِلَى طلبَهَا بعد قِيَامه فَلَا يَأْمَن من التلوث السَّابِع فِيهِ جَوَاز اتِّبَاع السادات بِغَيْر إذْنهمْ الثَّامِن فِيهِ اسْتِخْدَام المتبوعين الِاتِّبَاع. التَّاسِع فِيهِ اسْتِحْبَاب الْإِعْرَاض عَن قَاضِي الْحَاجة. الْعَاشِر فِيهِ جَوَاز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى حَيْثُ قَالَ أَو نَحوه
بَاب مَرْفُوع منون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَقَوله لَا يستنجى على صِيغَة الْمَجْهُول وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ ذكر الْبَاب وَإِنَّمَا ذكر حَدِيث عبد الله مَعَ حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَفِي بعض النّسخ بَاب الِاسْتِنْجَاء بروث والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة