فَيلْحق بِهِ كل نجس وَفِي الْعظم هُوَ كَونه لزجا فَلَا يزِيل إِزَالَة تَامَّة فَيلْحق بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كالزجاج الأملس وَقَالَ الْخطابِيّ قيل الْمَعْنى فِي ذَلِك أَن الْعظم لزج لَا يكَاد يتماسك فيقلع النَّجَاسَة وينشف البلة وَقيل أَن الْعظم لَا يكَاد يعرى من بَقِيَّة دسم قد علق بِهِ وَنَوع الْعظم قد يَتَأَتَّى فِيهِ الْأكل لبني آدم لِأَن الرخو الرَّقِيق مِنْهُ قد يتمشش فِي حَال الرَّفَاهِيَة والغليظ الصلب مِنْهُ يدق ويستف مِنْهُ عِنْد المجاعة والشدة وَقد حرم الِاسْتِنْجَاء بالمطعوم قلت هَذَانِ وَجْهَان وَالثَّالِث كَونه طَعَام الْجِنّ وَأما الروث فَلِأَنَّهُ نجس كَمَا ذَكرْنَاهُ أَو لِأَنَّهُ طَعَام دَوَاب الْجِنّ وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة أَن الْجِنّ سَأَلُوا هَدِيَّة مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَعْطَاهُمْ الْعظم والروث فالعظم لَهُم والروث لدوابهم فَإِذا لَا يستنجى بهما رَأْسا وَأما لِأَنَّهُ طَعَام للجن أنفسهم روى أَبُو عبد الله الْحَاكِم فِي الدَّلَائِل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِابْنِ مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَيْلَة الْجِنّ أُولَئِكَ جن نَصِيبين جاؤني فسألوني الزَّاد فَمَتَّعْتهمْ بالعظم والروث فَقَالَ لَهُ وَمَا يُغني مِنْهُم ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ إِنَّهُم لَا يَجدونَ عظما إِلَّا وجدوا عَلَيْهِ لَحْمه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ يَوْم أَخذ وَلَا وجدوا رَوْثًا إِلَّا وجدوا فِيهِ حبه الَّذِي كَانَ يَوْم أكل فَلَا يستنجي أحد لَا بِعظم وَلَا بروث وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد أَنهم قَالُوا يَا مُحَمَّد انه أمتك لَا يستنجوا بِعظم وَلَا بروث أَو حممة فَإِن الله تَعَالَى جعل لنا رزقا فِيهَا فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ قلت الحممة بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الميمين وَهِي الفحم وَمَا احْتَرَقَ من الْخشب وَالْعِظَام وَنَحْوهَا وَجَمعهَا حمم قَوْله بِطرف ثِيَابِي أَي فِي جَانب ثِيَابِي وَفِي صَحِيح الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي طرف ملائي وَقَالَ الْكرْمَانِي وَالثيَاب يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْجمع وَأَن يُرَاد بِهِ الْجِنْس كَمَا يُقَال فلَان يركب الْخُيُول قلت فِيهِ نظر لِأَن مَا ذكره إِنَّمَا يمشي فِي الْجمع الْمحلى بِالْألف وَاللَّام كَمَا فِي الْمِثَال الْمَذْكُور قَوْله وأعرضت عَنهُ كَذَا فِي أَكثر الرِّوَايَات وَفِي رِوَايَة الْكشميهني واعترضت بِزِيَادَة التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق بعد الْعين قَوْله فَلَمَّا قضى أَي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمَفْعُول مَحْذُوف تَقْدِيره فَلَمَّا قضى حَاجته قَوْله أتبعه بِهن أَي بالأحجار وهمزة أتبعه همزَة قطع وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى الْقَضَاء الَّذِي يدل عَلَيْهِ قَوْله فَلَمَّا قضى وكنى بذلك عَن الِاسْتِنْجَاء (بَيَان استنباط الْأَحْكَام) الأول فِيهِ جَوَاز استنجاء بالأحجار وَفِيه الرَّد على من أنكر ذَلِك كَمَا بَيناهُ مستقصى الثَّانِي فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الِاسْتِنْجَاء وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِيهِ فَمنهمْ من قَالَ بِوُجُوبِهِ واشتراطه فِي صِحَة الصَّلَاة وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَأَبُو ثَوْر وَإِسْحَاق وَأَبُو دَاوُد وَمَالك فِي رِوَايَة وَمِنْهُم من قَالَ بِأَنَّهُ سنة وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك فِي رِوَايَة والمزني من أَصْحَاب الشَّافِعِي وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الرَّازِيّ قَالَ أخبرنَا عِيسَى بن يُونُس عَن ثَوْر عَن الْحصين الحمراني عَن أبي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ من اكتحل فليوتر من فعل فقد أحسن وَمن لَا فَلَا حرج وَمن استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن وَمن لَا فَلَا حرج الحَدِيث وَأخرجه أَحْمد أَيْضا فِي مُسْنده حَدثنَا شُرَيْح حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس عَن ثَوْر عَن الْحصين كَذَا قَالَ عَن أبي سعيد الْخَيْر وَكَانَ من أَصْحَاب عمر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى آخِره نَحوه وَأخرجه الطَّحَاوِيّ فِي الْآثَار حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى قَالَ أخبرنَا يحيى بن حسن قَالَ حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس قَالَ حَدثنَا ثَوْر بن يزِيد عَن حُصَيْن الحمراني عَن أبي سعيد الْخَيْر عَن أبي هُرَيْرَة إِلَى آخِره نَحوه فَالْحَدِيث صَحِيح وَرِجَاله ثِقَات فَإِن قلت قَالَ أَبُو عَمْرو بن حزم وَالْبَيْهَقِيّ لَيْسَ إِسْنَاده بالقائم مَجْهُولَانِ يعنون حصينا فِيهِ الحمراني وَأَبا سعيد الْخَيْر قلت هَذَا كَلَام سَاقِط لِأَن أَبَا زرْعَة الدِّمَشْقِي قَالَ فِي حُصَيْن هَذَا شيخ مَعْرُوف وَقَالَ يَعْقُوب بن سُفْيَان فِي تَارِيخه لَا أعلم إِلَّا خيرا وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ شيخ وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَأما أَبُو سعيد الْخَيْر فقد قَالَ أَبُو دَاوُد وَيَعْقُوب بن سُفْيَان والعسكري وَابْن بنت منيع فِي آخَرين أَنه من الصَّحَابَة والْحَدِيث أخرجه ابْن حبَان أَيْضا فِي صَحِيحه وَذكر أَبَا سعيد فِي كتاب الصَّحَابَة وَسَماهُ عَامِرًا وَسَماهُ الْبَغَوِيّ عمرا وَسَماهُ صَاحب التَّهْذِيب زيادا وَسَماهُ البُخَارِيّ سَعْدا. وَقَالُوا أَيْضا أَنه كَدم البراغيث لِأَنَّهُ نَجَاسَة لَا تجب إِزَالَة أَثَرهَا فَكَذَا عينهَا لَا يجب إِزَالَتهَا بِالْمَاءِ فَلَا يجب بِغَيْرِهِ وَقَالَ الْمُزنِيّ لأَنا أجمعنا على جَوَاز مسحها بِالْحجرِ فَلم تجب إِزَالَتهَا كالمني فَإِن قلت استدلالهم بِالْحَدِيثِ غير تَامّ لِأَن المُرَاد لَا حرج فِي ترك الإيتار أَي الزَّائِد على ثَلَاثَة أَحْجَار وَلَيْسَ المُرَاد ترك أصل الِاسْتِنْجَاء وَقَالَ الْخطابِيّ معنى الحَدِيث التَّمْيِيز بَين المَاء الَّذِي هُوَ الأَصْل