وَالْوَاحد اسْم لمفتح الْعدَد، فأحد يصلح فِي الْكَلَام فِي مَوضِع الْجُحُود، وَالْوَاحد فِي مَوضِع الْإِثْبَات، تَقول: يأتني مِنْهُم أحد، وَجَاءَنِي مِنْهُم وَاحِد وَلَا يُقَال: جَاءَنِي مِنْهُم أحد لِأَنَّك إِذا قلت: لم يأتني مِنْهُم أحد فَمَعْنَاه أَنه لَا وَاحِد أَتَانِي وَلَا إثنان، وَإِذا قلت: جَاءَنِي مِنْهُم وَاحِد، فَمَعْنَاه أَنه لم يأتني اثْنَان، وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: أحد فِي الأَصْل وَاحِد.
4794 - حدَّثنا أبُو اليمَانِ حدَّثنا شعَيْبٌ حدَّثنا أبُو الزِّنادِ عَن الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عَنهُ، عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: قَالَ الله تَعَالَى: كذَّبَني ابنُ آدَمَ وَلَمْ يكُنْ لَهُ ذالِكَ، وشَتَمَني ولَمْ يَكُنْ لَهُ ذالِكَ، فأمَّا تَكذِيبُهُ إيَّايَ فقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأنِي، ولَيْسَ أوَّلُ الخَلْقِ بأهْوَنَ علَيَّ مِنْ إعادَتِه؛ وأمَّا شَتْمُهُ إيَّاي فقَوْلَهُ: { (2) اتخذ الله ولدا} (الْبَقَرَة: 611) وَأَنا الأحَدُ الصَّمَدُ لَمْ ألِدْ ولَمْ أولَدْ ولَمْ يَكُنْ لِي كُفْئا أحَدٌ.
(انْظُر الحَدِيث 3913 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب بن حَمْزَة، وَأَبُو الزِّنَاد، بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
والْحَدِيث قد مضى فِي سُورَة الْبَقَرَة فِي: بَاب {قَالُوا اتخذ الله ولدا سُبْحَانَهُ} (الْبَقَرَة: 611) عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن عبد الله بن أبي حُسَيْن عَن نَافِع بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس نَحْو رِوَايَة أبي هُرَيْرَة.
قَوْله: (وَشَتَمَنِي) الشتم توصيف الشَّخْص بارزاء وَنقص فِيهِ لَا سِيمَا فِيمَا يتَعَلَّق بِالنّسَبِ.
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل {الله الصَّمد} (الْإِخْلَاص: 2) وَلم تثبت هَذِه التَّرْجَمَة إلاّ لأبي ذَر.
والعَرُبُ تُسَمِّي أشْرَافَها الصَّمَد. قَالَ أبُو وَائِلٍ: هُوَ السَّيِّدُ الذِي انْتَهَى سُودَدُهُ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن معنى الصَّمد عِنْد الْعَرَب الشّرف، وَلِهَذَا يسمون رؤساءهم: الْأَشْرَاف بالصمد. وَعَن ابْن عَبَّاس: هُوَ السَّيِّد الَّذِي قد كمل أَنْوَاع الشّرف والسؤدد، وَقيل: هُوَ السَّيِّد الْمَقْصُود فِي الْحَوَائِج، تَقول الْعَرَب: صمدت فلَانا أصمده صمدا، بِسُكُون الْمِيم: إِذا قصدته والمصمود صَمد، وَيُقَال: بَيت مصمود إِذا قَصده النَّاس فِي حوائجهم. قَوْله: (وَقَالَ أَبُو وَائِل) بِالْهَمْزَةِ بعد الْألف كنية شَقِيق بن مسلمة، وَهَذَا ثَبت النَّسَفِيّ هُنَا، وَقد ذكر فِي تَفْسِير الصَّمد مَعَاني كَثِيرَة.
5794 - حدَّثنا إسْحاقُ بنُ منْصُورٍ قَالَ: وَحدثنَا عبْدُ الرَّزَّاقِ أخبرَنا مَعْمَرٌ عنْ هَمَّامِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ الله: كذَّبَنِي ابنُ آدَمَ ولَمْ يَكُنْ لَهُ ذالِكَ، وشَتَمَني ولَم يَكُنْ لَهُ ذالك؛ أمَّا تَكْذِيبُهُ إيَّاي أنْ يقُولَ: إنِّي لَنْ أعِيدَهُ كَما بَدَأْتُهُ، وأمَّا شَتْمُهُ إيَّاي أنْ يقُولَ { (2) اتخذ الله ولدا} (الْبَقَرَة: 611) وَأَنا الصَّمدُ الّذِي لَمْ أَلِدْ ولَمْ أُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لِي كُفُؤا أحَدٌ.
(انْظُر الحَدِيث 3913 وطرفه) .
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور أخرجه عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور الْمروزِي عَن عبد الرَّزَّاق بن همام عَن معمر بن رَاشد عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة.
قَوْله: (كَذبَنِي ابْن آدم) ، أَي: بعض بني آدم، وَالْمرَاد بهم المنكرون للبعث من مُشْركي الْعَرَب وَغَيرهم من عباد الْأَوْثَان وَالنَّصَارَى. قَوْله: (وَلم يكن لَهُ ذَلِك) ثَبت هَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَلم يثبت لبَقيَّة الروَاة عَن الْفربرِي، وَكَذَا النَّسَفِيّ. قَوْله: (أما تَكْذِيبه إيَّايَ أَن يَقُول) الْقيَاس: أَن يُقَال: فَأن يَقُول، بِالْفَاءِ وَهَذَا دَلِيل من جوز حذف الْفَاء من جَوَاب أما قَوْله: (وَلم يكن لي كُفؤًا أحد) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني: وَلم يكن لَهُ، بطرِيق الِالْتِفَات.
كُفُؤا وكَفيئا وكِفاءً واحدٌ