هَذَا هُوَ الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه من طَرِيق آخر عَن مُحَمَّد بن سَلام بتَشْديد اللَّام عَن أبي مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم الضَّرِير عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش إِلَى آخِره.
قَوْله: (إِلَى الْبَطْحَاء) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة، وبطحاء مَكَّة وأبطحها مسيل واديها وَيجمع على البطاح والأباطح. قَوْله: (مصبحكم) من التصبيح وممسيكم من الإمساء قَوْله: (تصدقوني) ويروي: تصدقونني.
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: سيصلى أَي: أَبُو لَهب سيدخل نَارا ذَات لَهب، وَالسِّين فِيهِ للوعيد إِذْ هُوَ كَائِن لَا محَالة وَإِن تَأَخّر وقته.
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب} (المسد: 4) قَرَأَ عَاصِم: حمالَة، بِالنّصب على الذَّم وَالْبَاقُونَ بِالرَّفْع على تَقْدِير: سيصلى نَارا هُوَ وَامْرَأَته، وَتَكون امْرَأَته، عطفا على الضَّمِير فِي سيصلى، وحمالة بدل مِنْهَا، وَقد ذكرنَا أَن امْرَأَته أم جميل بنت حَرْب أُخْت أبي سُفْيَان، وَقَالَ الضَّحَّاك: كَانَت تنشر السعدان على طَرِيق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيطؤه كَمَا يطَأ أحدكُم الْحَرِير، وَعَن مرّة الْهَمدَانِي: كَانَت أم جميل تَأتي كل يَوْم بحزمة من الحسك والشوك والسعدان فتطرحها على طَرِيق الْمُسلمين، فَبَيْنَمَا هِيَ ذَات يَوْم بحملة أعيت فَقَعَدت على حجر تستريح، فَأتى ملك فجذبها من خلفهَا فأهلكها.
وَقَالَ مُجاهِدٌ: حَمَّالَةَ الحطَبِ: تَمْشِي بالنَّمِيمةِ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {وامرأتُه حمالةَ الْحَطب} (المسد: 4) كَانَت تمشي بالنميمة، رَوَاهُ عبد بن حميد عَن شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، وَكَانَت تنم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه إِلَى الْمُشْركين، وَقَالَ الْفراء: كَانَت تنم فتحرش فتوقع بَينهم الْعَدَاوَة، فكنى عَن ذَلِك: بحمالة الْحَطب.
فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ} (المسد: 5) يقالُ: مَسَدٍ لِيفِ المُقْلِ، وهْيَ السِّلْسِلَةُ الَّتِي فِي النّار
هَذَانِ قَولَانِ حَكَاهُمَا الْفراء الأول: معنى قَوْله: (فِي جيدها حَبل من مسد) (المسد: 4) أَي: فِي عُنُقهَا حَبل من لِيف الْمقل، هَذَا كَانَ فِي الدُّنْيَا حِين كَانَت تحمل الشوك. وَالثَّانِي: أَن معنى قَوْله: من مسد، هِيَ السلسلة الَّتِي فِي النَّار، وَهُوَ فِي الْآخِرَة عَن ابْن عَبَّاس وَعُرْوَة: سلسلة من حَدِيد ذرعها سَبْعُونَ ذِرَاعا تدخل من فِيهَا وَتخرج من دبرهَا وتلوى سائرها فِي عُنُقهَا، وَالله أعلم.
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض شَيْء من سُورَة {قل هُوَ الله أحد} (الْإِخْلَاص: 1) تسمى سُورَة الْإِخْلَاص: وَهِي مَكِّيَّة، مَدَنِيَّة، وَهِي سَبْعَة وَأَرْبَعُونَ حرفا، وَخمْس عشرَة كلمة، وَأَرْبع آيَات. نزلت لما قَالَت قُرَيْش أَو كَعْب بن الْأَشْرَف أَو مَالك بن الصعب أَو عَامر بن الطُّفَيْل العامري: أنسب لنا رَبك.
يُقالُ: لَا يُنَوَّنُ (أحَدٌ) أيْ: واحِدٌ
أَي: قد يحذف التَّنْوِين من: أحد، فِي حَال الْوَصْل فَيُقَال: هُوَ الله أحد الله، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
(فألقيته غير مستعتب ... وَلَا ذَاكر الله إِلَّا قَلِيلا)
قَوْله: (أَي: وَاحِد) تَفْسِير. قَوْله: (أحد) . أَرَادَ أَنه لَا فرق بَينهمَا، وَهَذَا قَول قَالَه بَعضهم، وَالصَّحِيح الْفرق بَينهمَا، فَقيل: الْوَاحِد بِالصِّفَاتِ والأحد بِالذَّاتِ، وَقيل: الْوَاحِد يدل على أزليته وأوليته لِأَن الْوَاحِد فِي الْأَعْدَاد ركنها وَأَصلهَا ومبدؤها، والأحد يدل على تميزه من خلقه فِي جَمِيع صِفَاته وَنفي أَبْوَاب الشّرك عَنهُ، فالأخذ لنفي مَا يذكر مَعَه من الْعدَد،