وَالْملح وَالنَّار، وَقيل غير ذَلِك وَالله أعلم.
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض شَيْء من سُورَة {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} (الْكَوْثَر: 1) وَقيل: سُورَة الْكَوْثَر، وَهِي مَكِّيَّة عِنْد الْجُمْهُور، وَقَالَ قَتَادَة وَالْحسن وَعِكْرِمَة: مَدَنِيَّة، وَسبب الِاخْتِلَاف فِيهِ لأجل الِاخْتِلَاف فِي سَبَب النُّزُول فَعَن ابْن عَبَّاس: نزلت فِي الْعَاصِ ابْن وَائِل: فَإِنَّهُ قَالَ فِي حق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الأبتر، وَقيل: فِي عقبَة بن أبي معيط. وَعَن عِكْرِمَة: فِي جمَاعَة من قُرَيْش، وَقيل: فِي أبي جهل: وَقَالَ السُّهيْلي: فِي كَعْب بن الْأَشْرَف، قَالَ: وَيلْزم من هَذَا أَن تكون السُّورَة مَدَنِيَّة، وَفِيه تَأمل؛ وَهِي إثنان وَأَرْبَعُونَ حرفا، وَعشر كَلِمَات، وَثَلَاث آيَات.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ شانِئَكَ عَدُوَّكَ
أَي قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن شانئك هُوَ الأبتر} أَي: عَدوك هُوَ الأبتر، وَهَكَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي بِذكر: قَالَ ابْن عَبَّاس، وَفِي رِوَايَة غَيره بِدُونِ ذكره.
4694 - حدَّثنا آدَمُ حدّثنا شَيْبانُ حَدثنَا قَتادَةُ عنْ أَنَسٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: لمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى السَّماءِ قَالَ: أتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفا، فَقُلْتُ: مَا هاذا يَا جِبْرِيل؟ قَالَ: هاذَا الكَوْثَرُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس، وشيبان هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن أَبُو مُعَاوِيَة النَّحْوِيّ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم.
قَوْله: (حافتاه) أَي: جانباه تَثْنِيَة حافة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْفَاء. قَوْله: (الْكَوْثَر) على وزن فوعل من الْكَثْرَة وَالْعرب تسمى كل شَيْء كثير فِي الْعدَد أَو فِي الْقدر والخطر: كوثرا، وَاخْتلف فِيهِ، وَالْجُمْهُور على أَنه الْحَوْض. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ. وَقيل: الْكَوْثَر حَوْض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ عِيَاض: أَحَادِيث الْحَوْض صَحِيحَة وَالْإِيمَان بِهِ فرض والتصديق بِهِ من الْإِيمَان، وَهُوَ على ظَاهره عِنْد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة لَا يتَأَوَّل وَلَا يخْتَلف، وَحَدِيثه متواتر النَّقْل رَوَاهُ خلائق من الصَّحَابَة، وَحَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور هُنَا: الْكَوْثَر نهر مَا ييجيء عَن قريب، وَعَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الْكَوْثَر نهر فِي الْجنَّة حافتاه من الذَّهَب وَمَجْرَاهُ من الدّرّ والياقوت وتربته أطيب من الْمسك وماؤه أحلى من الْعَسَل وَأَشد بَيَاضًا من الثَّلج) وَرُوِيَ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبد الله بن أبي نجيح، قَالَت عَائِشَة: لَيْسَ أحد يدْخل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ إلاَّ سمع خرير الْكَوْثَر، وَعَن عِكْرِمَة: الْكَوْثَر النُّبُوَّة وَالْقُرْآن وَالْإِسْلَام، وَعَن مُجَاهِد: الْخَيْر كُله، وَقيل: نور فِي قلبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دله على الْحق وقطعه عَمَّن سواهُ، وَقيل: الشَّفَاعَة، وَقيل: المعجزات، وَقيل: قَول لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله، وَقيل: الْفِقْه فِي الدّين، وَقيل: الصَّلَوَات الْخمس، وَقيل فِيهِ أَقْوَال أُخْرَى كَثِيرَة.
5694 - حدَّثنا خالِدُ بنُ يَزِيدَ الكاهِلِيُّ حدّثنا إسْرَائِيلُ عنْ أبي إسْحاقَ عنْ أبي عُبَيْدَةَ عنْ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، قَالَ: سألْتُها عَن قَوْلهِ تَعَالَى: إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (الْكَوْثَر: 1) قالَتْ نَهَرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، شاطِئَاهُ عَليْهِ دُرٌّ مُجَوَّفٌ آنِيَتُهُ كَعَدَدِ النُّجُومِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَإِسْرَائِيل بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، يروي عَن جده أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله عَن أبي عُبَيْدَة عَامر بن عبد الله بن مَسْعُود عَن أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن أَحْمد بن حَرْب.
قَوْله: (قَالَ: سَأَلتهَا) أَي: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: سَأَلت عَائِشَة قَوْله: (أعْطِيه) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (شاطئاه) أَي: جانباه وَهُوَ تَثْنِيَة شاطىء موهو الْجَانِب. قَوْله: (عَلَيْهِ) يرجع إِلَى جنس الشاطىء، وَلِهَذَا لم يقل عَلَيْهِمَا، ودر مَرْفُوع على أَنه مُبْتَدأ ومجوف صفته وَخَبره عَلَيْهِ، وَالْجُمْلَة خبر الْمُبْتَدَأ الأول أَعنِي: شاطئا.
رَاوهُ زَكَرِيَّاءُ وأبُو الأَحْوَص ومُطَرِّفٌ عنْ أبي إسْحاق
أَي: رُوِيَ الحَدِيث الْمَذْكُور زَكَرِيَّاء بن أبي زَائِدَة، وَأَبُو الْأَحْوَص سَلام بن سليم، ومطرف بن طريف بِالطَّاءِ الْمُهْملَة فرواية زَكَرِيَّاء رَوَاهَا عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن يحيى بن زَكَرِيَّاء عَن أَبِيه، وَرِوَايَة أبي الْأَحْوَص رَوَاهَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة عَنهُ أبي، وَلَفظه: