أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض شَيْء من سُورَة أَرَأَيْت، وَتسَمى سُورَة الماعون أَيْضا وَهِي مَكِّيَّة وَهِي مائَة وَثَلَاثَة وَعِشْرُونَ حرفا، وَخمْس وَعِشْرُونَ كلمة، وَسبع آيَات. قَالَ الثَّعْلَبِيّ: قَالَ مقَاتل والكلبي نزلت فِي الْعَاصِ بن وَائِل السَّهْمِي. وَعَن السّديّ وَابْن كيسَان: فِي الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، وَعَن الضَّحَّاك فِي عَمْرو بن عَائِذ، وَقيل: فِي هُبَيْرَة بن وهب المَخْزُومِي، وَقَالَ الْفراء، وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: أرأيتك الَّذِي يكذب، قَالَ: وَالْكَاف صلَة، وَقَالَ النَّسَفِيّ: أَرَأَيْت؟ هَل عرفت الَّذِي يكذب بِالدّينِ بالجزاء من هُوَ؟ إِن لم تعرفه فَذَلِك الَّذِي يكذب بالجزاء، هُوَ الَّذِي يدع الْيَتِيم أَي: يَقْهَرهُ ويزجره.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ يَدُعُّ، يَدْفَعُ عنْ حقِّه ويُقالُ: هُوَ مِنْ دَعَعْتُ يُدَعُّونَ يُدْفَعُونَ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {فَذَلِك الَّذِي يدع الْيَتِيم} (الماعون: 2) أَي: يَدْفَعهُ عَن حَقه، من دع يدع دَعَا، وَعَن أبي رَجَاء: يدع الْيَتِيم أَي يتْركهُ وَيقصر فِي حَقه. قَوْله: (وَيُقَال: هُوَ من دععت) أَشَارَ بِهِ إِلَى اشتقاقه وَأَن ماضيه: دععت لِأَن عِنْد اتِّصَال الضَّمِير لَا يدغم قَوْله: (يدعونَ) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى {يَوْم يدعونَ} (الطّور: 31) أَي: يدْفَعُونَ، وَقَرَأَ الْحسن وَأَبُو رَجَاء بِالتَّخْفِيفِ، وَنقل عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَيْضا.
ساهُونَ لاهُونَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فويل للمصلين الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} وَفسّر بقوله: (لاهون) وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ عَن مُجَاهِد كَذَلِك، وَقَالَ سعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: يؤخرونها عَن وَقتهَا، وَقَالَ غير وَاحِد: هُوَ التّرْك، وَعَن ابْن عَبَّاس: هم المُنَافِقُونَ يتركون الصَّلَاة فِي السِّرّ إِذا غَابَ النَّاس ويصلونها فِي الْعَلَانِيَة إِذا حَضَرُوا، وَعَن قَتَادَة: ساه لَا يُبَالِي صلى أم لم يصلِّ.
والماعُونُ المَعْرُوف كلهُ. وَقَالَ بَعْضُ العَرَبِ الماعُونُ الماءُ؛ وَقَالَ عِكْرِمَةُ أعْلاَها الزَّكاةُ المَفْرُوضَةُ وأدْناها عارِيَّةُ المَتاعِ
ذكر فِي تَفْسِير الماعون ثَلَاثَة أَقْوَال: الأول: الْمَعْرُوف كُله: وَهُوَ الَّذِي يتعاطاه النَّاس بَينهم: كالدلو والفأس وَالْقدر والقداحة وَنَحْوهَا، وَهُوَ قَول الْكَلْبِيّ وَمُحَمّد بن كَعْب. الثَّانِي: الماعون: المَاء وَهُوَ قَول سعيد بن الْمسيب وَالزهْرِيّ وَمُقَاتِل، قَالُوا: الماعون المَاء بلغَة قُرَيْش. الثَّالِث: قَول عِكْرِمَة، وَهُوَ (أَعْلَاهَا الزَّكَاة) إِلَى آخِره، وَهُوَ قَول ابْن عَمْرو وَالْحسن وَقَتَادَة قَوْله: (عَارِية الْمَتَاع) أَي: الماعون اسْم جَامع لمتاع الْبَيْت كالمنخل والغربال والدلو وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يسْتَعْمل فِي الْبيُوت، وَقيل: الماعون مَا لَا يحمل مَنعه مثل المَاء