وَالْأَكْثَرُونَ، وَيُؤَيِّدهُ أَنه ورد فِي رِوَايَة فِي (الصَّحِيح) : من حفظهَا دخل الْجنَّة. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: أَرَادَ بِالْحِفْظِ: الْقِرَاءَة بِظهْر الْقلب، فَيكون كِنَايَة، لِأَن الْحِفْظ يسْتَلْزم التّكْرَار، فَالْمُرَاد بالإحصاء تكْرَار مجموعها. فَإِن قلت: لم ذكر الْجَزَاء بِلَفْظ الْمَاضِي؟ قلت: تَحْقِيقا لوُقُوعه كَأَنَّهُ قد وجد.
فَوَائِد: أَسمَاء الله تَعَالَى مَا يَصح أَن يُطلق عَلَيْهِ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، بِالنّظرِ إِلَى ذَاته: كالله، أَو بِاعْتِبَار صفة من صِفَاته السلبية: كالقدوس وَالْأول، أَو الْحَقِيقِيَّة: كالعليم والقادر، أَو الإضافية: كالحميد وَالْملك؛ أَو بِاعْتِبَار فعل من أَفعاله: كالخالق والرزاق وَقَالَت الْمُعْتَزلَة: الِاسْم هُوَ التَّسْمِيَة دون الْمُسَمّى، وَقَالَ الْغَزالِيّ: الِاسْم هُوَ اللَّفْظ الدَّال على الْمَعْنى بِالْوَضْعِ لُغَة، والمسمى هُوَ الْمَعْنى الْمَوْضُوع لَهُ الِاسْم، وَالتَّسْمِيَة وضع اللَّفْظ لَهُ أَو إِطْلَاقه عَلَيْهِ. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: قَالَ مَشَايِخنَا: التَّسْمِيَة هُوَ اللَّفْظ الدَّال على الْمُسَمّى، وَالِاسْم هُوَ الْمَعْنى الْمُسَمّى بِهِ، كَمَا أَن الْوَصْف هُوَ لفظ الواصف، وَالصّفة مَدْلُوله، وَهُوَ الْمَعْنى الْقَائِم بالموصوف، وَقد يُطلق وَيُرَاد بِهِ اللَّفْظ، كَمَا تطلق الصّفة وَيُرَاد الْوَصْف إطلاقاً لاسم الْمَدْلُول على الدَّال، وَعَلِيهِ اصطلحت النُّحَاة. وَقيل: الْفرق بَين الِاسْم والمسمى إِنَّمَا يظْهر من قَوْلك: رَأَيْت زيدا، فَإِن المُرَاد بِالِاسْمِ الْمُسَمّى لِأَن المرئي لَيْسَ (ز ي د) فَإِذا قلت: سميته زيدا، فَالْمُرَاد غير الْمُسَمّى، لِأَن مَعْنَاهُ سميته بِمَا يتركب من هَذِه الْحُرُوف، وَفِي قَوْلك: زيد حسن، لفظ مُشْتَرك أَن تَعْنِي بِهِ هَذَا اللَّفْظ حسن، وَأَن تَعْنِي بِهِ الْمُسَمّى حسن، وَأما قَول من قَالَ: لَو كَانَ الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى لَكَانَ من قَالَ: نَار، احْتَرَقَ فَمه، فَهُوَ بعيد. لِأَن الْعَاقِل لَا يَقُول إِن زيدا الَّذِي هُوَ: زَاي وياء ودال، هُوَ الشَّخْص. وَقَالَ محيي السّنة فِي (معالم التَّنْزِيل) : الْإِلْحَاد فِي أَسْمَائِهِ تَسْمِيَته بِمَا لَا ينْطق بِهِ كتاب وَلَا سنة. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي فِي كِتَابه (مَفَاتِيح الْحجَج) : أَسمَاء الله تُؤْخَذ توقيفاً ويراعى فِيهَا الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع، فَكل اسْم ورد فِي هَذِه الْأُصُول وَجب إِطْلَاقه فِي وَصفه تَعَالَى، وَمَا لم يرد فِيهِ لَا يجوز إِطْلَاقه فِي وَصفه، وَإِن صَحَّ مَعْنَاهُ. وَقَالَ الرَّاغِب: ذهبت الْمُعْتَزلَة إِلَى أَنه يَصح أَن يُطلق على الله تَعَالَى كل اسْم يَصح مَعْنَاهُ فِيهِ، والأفهام الصَّحِيحَة البشرية لَهَا سَعَة ومجال فِي اخْتِيَار الصِّفَات. قَالَ: وَمَا ذهب إِلَيْهِ أهل الحَدِيث هُوَ الصَّحِيح، وَلَو ترك الْإِنْسَان وعقله لما جسر أَن يُطلق عَلَيْهِ عَامَّة هَذِه الْأَسْمَاء الَّتِي ورد الشَّرْع بهَا، إِذْ كَانَ أَكْثَرهَا على حسب تعارفنا يَقْتَضِي أعراضاً، إِمَّا كمية نَحْو: الْعَظِيم وَالْكَبِير، وَإِمَّا كَيْفيَّة نَحْو الْحَيّ والقادر، أَو زَمَانا نَحْو: الْقَدِيم وَالْبَاقِي، أَو مَكَانا نَحْو: الْعلي والمتعالي، أَو أنفعالاً نَحْو: الرَّحِيم والودود، وَهَذِه معانٍ لَا تصح عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على حسب مَا هُوَ مُتَعَارَف بَيْننَا، وَإِن كَانَ لَهَا معانٍ معقولة عِنْد أهل الْحَقَائِق، من أجلهَا صَحَّ إِطْلَاقهَا عَلَيْهِ، عز وَجل. وَقَالَ الزّجاج: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَدعُوهُ لما لم يصف بِهِ نَفسه، فَيَقُول: يَا رَحِيم لَا يَا رَقِيق، وَيَقُول: يَا قوي لَا يَا خَلِيل، وَذكر الْحَاكِم أَبُو عبد الله الْحسن ابْن الْحسن الْحَلِيمِيّ: أَن أَسمَاء الله الَّتِي ورد بهَا الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْعلمَاء على تَسْمِيَته بهَا منقسمة بَين عقائد خمس: الأول: إِثْبَات الْبَارِي لتقع بِهِ مُفَارقَة التعطيل. الثَّانِي: إِثْبَات وحدانيته لتقع بِهِ الْبَرَاءَة من الشّرك. الثَّالِث: إِثْبَات أَنه لَيْسَ بجوهر وَلَا عرض لتقع بِهِ الْبَرَاءَة من التَّشْبِيه. الرَّابِع: إِثْبَات إِن وجود كل مَا سواهُ كَانَ من قبل إبداعه واختراعه إِيَّاه لتقع الْبَرَاءَة من قَول من يَقُول بِالْعِلَّةِ والمعلول. الْخَامِس: إِثْبَات أَنه مُدبر مَا أبدع ومصرفه على مَا يَشَاء، لتقع بِهِ الْبَرَاءَة من قَول الْقَائِلين بالطبائع أَو بتدبير الْكَوَاكِب، أَو بتدبير الْمَلَائِكَة، عَلَيْهِم السَّلَام. وَزعم ابْن حزم أَن من زَاد شَيْئا فِي الْأَسْمَاء على التِّسْعَة وَالتسْعين من عِنْد نَفسه فقد ألحد فِي أَسْمَائِهِ، لِأَنَّهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ: مائَة إلاَّ وَاحِدًا، فَلَو جَازَ أَن يكون لَهُ إسم زَائِد لكَانَتْ مائَة.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الشُّرُوط فِي الْوَقْف.
7372 - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عبْدِ الله الأنْصَارِيُّ قَالَ حدَّثنا ابنُ عَوْنِ قَالَ أنْبَأنِي نافِعٌ عَن ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أصابَ أرْضاً بِخَيْبَرَ فَأتى النبيَّ صلى