صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ ولاِمْرِىءٍ مَا نَوَى فَمَنْ كانتُ هِجْرَتُهُ إِلَى الله ورسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله ورسولِهِ ومَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أوِ امْرَأةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهجْرَتُه إِلَى مَا هاجَرَ إلَيْهِ..
قد مر هَذَا الحَدِيث فِي أول الْكتاب فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن الْحميدِي عَن سُفْيَان ... إِلَى آخِره، وَهنا: عَن مُحَمَّد بن كثير ضد قَلِيل عَن سُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ.
قَوْله: (الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ ولامرىء مَا نوى) ، كَذَا أخرجه مُحَمَّد بن كثير بِخِلَاف: إِنَّمَا، فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وٌ د أخرجه أَبُو دَاوُد عَن مُحَمَّد بن كثير شيخ البُخَارِيّ فِيهِ، فَقَالَ: (إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لامرىء مَا نوى) . قَوْله: (إِلَى دنيا) فِي رِوَايَة الْكشميهني: للدنيا، وَهِي رِوَايَة أبي دَاوُد أَيْضا، وَوجه إِعَادَة هَذَا الحَدِيث وَذكره هُنَا لأجل ذكر قِطْعَة مِنْهُ، وَهُوَ قَوْله: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لكل امرىء مَا نوى، وَقد ذكرنَا وَجه ذكر الْقطعَة، وللإشارة أَيْضا إِلَى أَنه أخرج هَذَا الحَدِيث من شيخين وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا قَالَ رجل لعَبْدِهِ هُوَ لله، هَذَا هَكَذَا روى الْأصيلِيّ وكريمة، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: بَاب إِذا قَالَ لعَبْدِهِ، الْفَاعِل مُضْمر، وَهُوَ رجل أَو شخص. قَوْله: (وَنوى الْعتْق) ، أَي: وَالْحَال أَنه نوى عتق العَبْد بِهَذَا اللَّفْظ، وَجَوَاب إِذا مَحْذُوف تَقْدِيره: صَحَّ أَو عتق العَبْد. قَوْله: (وَالْإِشْهَاد) بِالرَّفْع، وَفِيه حذف تَقْدِيره: وَبَاب يذكر فِيهِ الْإِشْهَاد فِي الْعتْق، فَيكون ارتفاعه بِالْفِعْلِ الْمُقدر، وَتَكون هَذِه الْجُمْلَة أَعنِي: قَوْلنَا: وَبَاب يذكر فِيهِ الْإِشْهَاد على الْعتْق معطوفة على: بَاب إِذا قَالَ أَي بَاب يذكر فِيهِ، إِذا قَالَ، وَلَفظ: بَاب، منون فِي الظَّاهِر، وَفِي الْمُقدر، وَهَذَا هُوَ الْوَجْه، وَمن جر الْإِشْهَاد فقد جر مَا لَا يُطيق حمله.
0352 - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ نُمَيْرٍ عنْ مُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ عنْ إسْمَاعِيلَ عنْ قَيْسٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّهُ لَمَّا أقْبَلَ يُرِيدُ الأسْلامَ ومَعَهُ غُلامُهُ ضَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُما مِنْ صاحِبِهِ فأقْبَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وأبُو هُرَيْرَةَ جالِسٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلاَمُكَ قَدْ أتَاكَ فَقَالَ أما أنِّي أُشْهِدُكَ أنَّهُ حُرٌّ فَهْوَ حينَ يَقُولُ:
(يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وعَنائِها ... علَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ)
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أما أَنِّي أشهدك أَنه حر) ، وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده.
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد الأحمسي البَجلِيّ، وَاسم أبي خَالِد سعد، وَقيس هُوَ ابْن أبي حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي: واسْمه عَوْف، قدم الْمَدِينَة بَعْدَمَا قبض النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَؤُلَاء كلهم كوفيون
قَوْله: (يُرِيد الْإِسْلَام) جملَة حَالية، وَكَذَلِكَ قَوْله: (وَمَعَهُ غُلَامه) ، جملَة حَالية إسمية أَي: وَمَعَ أبي هُرَيْرَة. قَوْله: (ضل) ، أَي: تاه كل وَاحِد مِنْهُمَا ذهب إِلَى نَاحيَة وَفَسرهُ الْكرْمَانِي بقوله: ضَاعَ، وَتَبعهُ بَعضهم على ذَلِك وَلَيْسَ مَعْنَاهُ إلاَّ مَا ذَكرْنَاهُ. قَوْله: (أما) ، بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْمِيم وتستعمل هَذِه الْكَلِمَة على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن تكون حرف استفتاح بِمَنْزِلَة أَلا. وَالثَّانِي: أَن تكون بِمَعْنى حَقًا. وَأما، هُنَا على هَذَا الْمَعْنى. قَوْله: (أَنِّي) ، بِفَتْح الْهمزَة كَمَا تفتح الْهمزَة بعد قَوْلهم: حَقًا، لِأَنَّهَا بِمَعْنَاهُ. قَوْله: (فَهُوَ حِين يَقُول) ، أَي: الْوَقْت الَّذِي وصل فِيهِ إِلَى الْمَدِينَة. قَوْله: (يَا لَيْلَة) ، هَذَا من بَحر الطَّوِيل، وَقد دخله الخرم، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَة وَسُكُون الرَّاء، وَهُوَ حذف الْحَرْف من أول الْجُزْء، وللطويل ثَمَانِيَة أَجزَاء وَقد حذف الْحَرْف من أول جزئه وَهُوَ: يَا لَيْلَة، لِأَن تَقْدِيره: فيا لَيْلَة، لِأَن وَزنه فيالي: فعولن، لَهُ من طو: مفاعيلن، لَهَا و: فعول، عنائها: مفاعلن. وَفِيه الْقَبْض، وَقَول الْكرْمَانِي: وَلَا بُد من زِيَادَة وَلَو أوفاء فِي أول الْبَيْت ليَكُون مَوْزُونا، كَلَام من يقف على علم الْعرُوض، لِأَن مَا جَازَ حذفه كَيفَ يُقَال فِيهِ لَا بُد من إثْبَاته؟ قَوْله: (عنائها) ، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وبتخفيف النُّون وبالمد: أَي تعبها ومشقتها. قَوْله: (دارة