وَقَالَ رجل. وَفِي رِوَايَة: قَالَ: يَا رَسُول الله! بِالْإِفْرَادِ، وَرِوَايَة: قَالَ رجل، يُوضح أَن فَاعل قَالَ مُضْمر فِيهِ يرجع إِلَى الرجل، قَوْله: (هَذَا) ، إِشَارَة إِلَى مَا فِي ذهنهم من الرجل الَّذِي ينصرونه. (ومظلوماً) نصب على الْحَال من الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي: ننصره، وَكَذَلِكَ: (مَظْلُوما) نصب على الْحَال. قَوْله: (تَأْخُذ فَوق يَدَيْهِ) أَي: تَمنعهُ عَن الظُّلم، وَكلمَة: فَوق، مقحمة، أَو ذكرت إِشَارَة إِلَى الْأَخْذ بالاستعلاء وَالْقُوَّة، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس، قَالَ: تكفه عَن الظُّلم فَذَاك نَصره إِيَّاه، وَفِي رِوَايَة مُسلم من حَدِيث جَابر: إِن كَانَ ظَالِما فلينهه، فَإِنَّهُ لَهُ نصْرَة. وَقَوله: تَأْخُذ، يدل على أَن الْقَائِل وَاحِد، وَلَو كَانَ جمعا لقَالَ: تأخذون، وَقَالَ ابْن بطال: النَّصْر عِنْد الْعَرَب الْإِعَانَة، وَتَفْسِيره لنصر الظَّالِم بِمَنْعه من الظُّلم من تَسْمِيَة الشَّيْء بِمَا يؤول إِلَيْهِ، وَهُوَ من وجيز البلاغة. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ مَعْنَاهُ: أَن الظَّالِم مظلوم فِي نَفسه فَيدْخل فِيهِ ردع الْمَرْء عَن ظلمه لنَفسِهِ حسا وَمعنى، فَلَو رأى إنْسَانا يُرِيد أَن يجب نَفسه لظَنّه أَن ذَلِك يزِيل مفسده طلبه للزِّنَا، مثلا، مَنعه من ذَلِك، وَكَانَ ذَلِك نصرا لَهُ، واتحد فِي هَذِه الصُّورَة الظَّالِم والمظلوم. وَفِي (التَّلْوِيح) : ذكر الْمفضل بن سَلمَة الضَّبِّيّ فِي كِتَابه (الفاخر) : أَن أول من قَالَ: أنْصر أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما، جُنْدُب ابْن العنبر بن عَمْرو بن تَمِيم، بقوله لسعد بن زيد مَنَاة لما أسر:
(يَا أَيهَا الْمَرْء الْكَرِيم المكسوم ... أنْصر أَخَاك ظَالِما أَو مظلوم)
وَأنْشد التاريخي للأسلع بن عبد الله:
(إِذا أَنا لم أنْصر أخي وَهُوَ ظَالِم ... على الْقَوْم لم أنْصر أخي حِين يظلم)
فأرادوا بذلك مَا اعتادوه من حمية الْجَاهِلِيَّة، لَا على مَا فسره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وجوب نصر الْمَظْلُوم.)
5442 - حدَّثنا سَعيدُ بنُ الرَّبِيع قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنِ الأشْعَثِ بنِ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعاوِيَةَ بنَ سُوَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ البَرَاءَ بنَ عازِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ أمَرَنا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسَبْعٍ ونهَانا عنْ سَبْعٍ فذَكَرَ عِيادَةَ الْمَرِيضِ واتِّباعَ الْجَنائِزِ وتَشْميتَ العاطِسِ ورَدَّ السَّلاَمِ ونَصْرَ الْمَظْلُومِ وإجَابَةَ الدَّاعِي وإبْرَارَ الْمُقْسِمِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَنصر الْمَظْلُوم) وَهُوَ أحد السَّبْعَة الْمَذْكُورَة.
وَرِجَاله خَمْسَة قد ذكرُوا، وَسَعِيد بن الرّبيع، بِفَتْح الرَّاء: الْبَصْرِيّ بياع الثِّيَاب الهروية، مر فِي جَزَاء الصَّيْد، والأشعث بن سليم، بِضَم السِّين الْمُهْملَة: الْكُوفِي المكنى بِأبي الشعْثَاء، مر فِي التَّيَمُّن فِي الْوضُوء، وَمُعَاوِيَة بن سُوَيْد، بِضَم السِّين الْمُهْملَة: مر مَعَ الحَدِيث فِي أول الْجَنَائِز.
والْحَدِيث مر فِي: بَاب الْأَمر بِاتِّبَاع الْجَنَائِز، مَعَ اشتماله على السَّبْعَة الْمنْهِي عَنْهَا بالسند الْمَذْكُور، إِلَّا شَيْخه، فَإِنَّهُ هُنَاكَ: أَبُو الْوَلِيد عَن شُعْبَة ... إِلَى آخِره.
قَوْله: (وإبرار الْمقسم) ، ويروي: (وإبرار الْقسم) ، قَالَ الْعلمَاء: نصر الْمَظْلُوم فرض وَاجِب على الْمُؤمنِينَ على الْكِفَايَة، فَمن قَامَ بِهِ سقط عَن البَاقِينَ، وَيتَعَيَّن فرض ذَلِك على السُّلْطَان، ثمَّ على من لَهُ قدرَة على نصرته إِذا لم يكن هُنَاكَ من ينصره غَيره من سُلْطَان وَشبهه، وعيادة الْمَرِيض سنة مرعية، وَاتِّبَاع الْجَنَائِز من فروض الْكِفَايَة، وتشميت الْعَاطِس سنة، وَقيل: فرض كِفَايَة، حَكَاهُ ابْن بطال، وَبِه قَالَ ابْن سراقَة من الشَّافِعِيَّة، وَقيل: وَاجِب كرد السَّلَام، وَإجَابَة الدَّاعِي سنة إلاَّ أَنه فِي الْوَلِيمَة قيل: فرض عين، وَقيل: فرض كِفَايَة. وَقَالَ ابْن بطال: هُوَ فِي الْوَلِيمَة آكِد، وإبرار الْمقسم، مَنْدُوب إِلَيْهِ إِذا أقسم عَلَيْهِ فِي مُبَاح يَسْتَطِيع فعله، فَإِن أقسم على مَا لَا يجوز، أَو يشق على صَاحبه، لم ينْدب إِلَى الْوَفَاء بِهِ.
6442 - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ قَالَ حدَّثنا أَبُو أسَامَةَ عنْ بُرَيْدٍ عنْ أبي بُرْدَةَ عنْ أبِي موساى رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كالْبُنْيانِ يَشُد بَعضُهُ بَعْضاً وشَبَّكَ بيْنَ أصَابِعِهِ. (انْظُر الحَدِيث 184 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث: فَإِن الْمُؤمن إِذا شدّ الْمُؤمن فقد نَصره، وَأَبُو اسامة حَمَّاد بن أُسَامَة وبريد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن عبد الله بن أبي بردة، يروي عَن جده أبي بردة، بِضَم الْبَاء، وَاسم أبي بردة: الْحَادِث. وَقيل: عَامر، وَقيل: اسْمه كنيته، وَهُوَ ابْن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، واسْمه عبد الله بن قيس.
وَفِي هَذَا السَّنَد: رِوَايَة الرَّاوِي عَن جده، وَرِوَايَة الرَّاوِي