بَعْدُ مَنَعَهُ لأنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَى عنْ إضَاعَةِ المالِ وَقَالَ لِلَّذِي يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ إذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلابَةَ ولَمْ يَأْخُذِ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مالَهُ
هَكَذَا وَقع قَوْله: (وَمن بَاعَ) إِلَى آخِره بالْعَطْف على مَا قبله فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر: بَاب من بَاعَ على الضَّعِيف ... إِلَى آخِره، وَذكر لفظ: بَاب، لَيْسَ لَهُ فَائِدَة أصلا قَوْله: (على الضَّعِيف) أَي: ضَعِيف الْعقل، وَالْألف وَاللَّام فِيهِ للْعهد، وَهُوَ الْمَذْكُور فِي التَّرْجَمَة. قَوْله: (وَنَحْوه) هُوَ السَّفِيه. قَوْله: (فَدفع) ، ويروى: وَدفع، بِالْوَاو، وَهَذَا حَاصِل مَا فعله النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي بيع الْمُدبر الْمَذْكُور، لِأَنَّهُ لما بَاعه دفع ثمنه إِلَيْهِ ونبهه على طَرِيق الرشد، وَأمره بالإصلاح وَالْقِيَام بِشَأْنِهِ، وَمَا كَانَ سفهه حِينَئِذٍ فِي ذَلِك إلاَّ ناشئاً عَن الْغَفْلَة وَعدم البصيرة بمواقع الْمصَالح، وَلِهَذَا سلم إِلَيْهِ الثّمن، وَلَو كَانَ مَنعه لأجل سفهه حَقِيقَة لم يكن يسلم إِلَيْهِ الثّمن. قَوْله: (فَإِن أفسد بعد) ، بِضَم الدَّال لِأَنَّهُ مَبْنِيّ على الضَّم وإضافته منوية أَي: وَإِن أفسد هَذَا الضَّعِيف الْحَال بعد ذَلِك مَنعه، أَي: حجر عَلَيْهِ من التَّصَرُّف. قَوْله: (لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِلَى آخِره، تَعْلِيل لما ذكره من مَنعه بعد ذَلِك، وَالنَّهْي عَن إِضَاعَة المَال قد مر عَن قريب فِي: بَاب إِضَاعَة المَال. قَوْله: (وَقَالَ للَّذي) أَي: وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للرجل الَّذِي كَانَ يخدع فِي البيع ... إِلَى آخِره، قد مر فِي: بَاب مَا يكره من الخداع فِي البيع. قَوْله: (وَلم يَأْخُذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاله) ، أَي: مَال الرجل الَّذِي بَاعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غُلَامه، إِنَّمَا لم يَأْخُذ لِأَنَّهُ لم يظْهر عِنْده سفهه حَقِيقَة، إِذْ لَو ظهر لمَنعه من أَخذ الثّمن، وَقد مر.
5142 - حدَّثنا عاصِمُ بنُ علِيٍّ قَالَ حَدثنَا ابنُ أبي ذِئْبٍ عنْ مُحَمَّدِ بنِ الْمُنْكَدِرِ عنْ جابِر رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رجُلاً أعْتَقَ عَبْداً لَهُ لَيْسَ لَهُ مالٌ غَيْرُهُ فرَدَّهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فابْتَاعَهُ مِنْهُ نُعَيْمُ بنُ النَّحَّامِ. .
قد مر هَذَا فِي كتاب الْبيُوع فِي: بَاب بيع المزايدة، أخرجه هُنَاكَ: عَن بشر بن مُحَمَّد عَن عبد الله عَن حُسَيْن الْمكتب عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن جَابر ... إِلَى آخِره، وَأخرجه هُنَا: عَن عَاصِم بن عَليّ بن عَاصِم بن صُهَيْب الوَاسِطِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب، وَقد مر غير مرّة.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَلَام الْخُصُوم بَعضهم مَعَ بعض فِيمَا لَا يُوجب شَيْئا من الْحَد وَالتَّعْزِير، وَأَرَادَ بِهَذَا أَن كَلَام بعض الْخُصُوم مَعَ بعض من غير إفحاش لَا يُوجب شَيْئا، لِأَن الْكَلَام لَا بُد مِنْهُ، وَلَكِن لَا يتَكَلَّم بَعضهم لبَعض بِكَلَام يجب فِيهِ الْحَد أَو التَّعْزِير.