قَالَ وأتَي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَنِي حارِثَةَ فَقَالَ أرَاكُمْ يَا بَنِي حارِثَةَ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ الحَرَمِ ثُمَّ الْتَفَتَ فَقَالَ بَلْ أنْتُمْ فِيهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (حُرِّم بَين لابتي الْمَدِينَة) ، وَفِيه بَيَان لإبهام التَّرْجَمَة.
ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن أبي أويس. الثَّانِي: أَخُوهُ عبد الحميد بن عبد الله بن أبي أويس. الثَّالِث: سُلَيْمَان بن بِلَال أَبُو أَيُّوب. الرَّابِع: عبيد الله بن عمر الْعمريّ. الْخَامِس: سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري وَاسم أبي سعيد كيسَان. السَّادِس: أَبُو هُرَيْرَة.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون. وَفِيه: رِوَايَة الرَّاوِي عَن أَخِيه. وَفِيه: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ، رَوَاهُ جمَاعَة عَن عبيد الله هَكَذَا، وَقَالَ عَبدة بن سُلَيْمَان عَن عبيد الله عَن سعيد عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَزَاد فِيهِ: عَن أَبِيه.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (حُرِّمَ) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّحْرِيم، وَهُوَ رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: (حرَم) . بِفتْحَتَيْنِ فارتفاعه على أَنه خبر عَن مُبْتَدأ مُؤخر، وَهُوَ قَوْله: (مَا بَين لابتي الْمَدِينَة) ، وَفِي رِوَايَة أَحْمد من حَدِيث ابْن عمر: (إِن الله تَعَالَى حرم على لساني مَا بَين لابتي الْمَدِينَة) ، وللبخاري عَن أبي هُرَيْرَة: (مَا بَين لابتيها حرَام) ، وَسَيَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَفِي الْبَاب عَن جمَاعَة عَن الصَّحَابَة. فَعَن جَابر رَوَاهُ مُسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة وَإِنِّي حرمت الْمَدِينَة مَا بَين لابتيها لَا يقطع عضاهها وَلَا يصاد صيدها) . وعنرافع بن خديج أخرجه مُسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة وَأَنا أحرم مَا بَين لابتيها) . يُرِيد الْمَدِينَة. وَعَن سعد بن أبي وَقاص أخرجه مُسلم أَيْضا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِنِّي أحرم مَا بَين لابتي الْمَدِينَة أَن يقطع عضاهها وَيقتل صيدها) الحَدِيث. وَعَن أنس بن مَالك أخرجه مُسلم أَيْضا فِي حَدِيث طَوِيل وَفِيه أَنِّي أحوم مِائَتَيْنِ لَا بَيتهَا وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أخرجه الطَّحَاوِيّ قَالَ: (إِن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حرم مَا بَين لابتي الْمَدِينَة) وَأخرجه أَحْمد فِي مُسْنده عَن كَعْب بن مَالك، أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) عَن خَارِجَة بن عبد الله بن كَعْب عَن أَبِيه عَن جده (أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حرم مَا بَين لابتي الْمَدِينَة أَن يصاد وحشها) . وَعَن عبَادَة أخرجه الْبَيْهَقِيّ عَنهُ قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرم مَا بَين لابتيها كَمَا حرم إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. وَعَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أخرجه الطَّحَاوِيّ عَن صَالح بن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه، وَفِيه قَالَ، يَعْنِي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: (حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صيد مَا بَين لابتيها) ، وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا. وَعَن زيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه الطَّحَاوِيّ من حَدِيث شُرَحْبِيل بن سعد، قَالَ: (أَتَانَا زيد بن ثَابت وَنحن ننصب فخا خَالنَا بِالْمَدِينَةِ، فَرمى بهَا، وَقَالَ: ألم تعلمُوا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرم صيدها؟ وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي (الْكَبِير) . وَعَن سهل بن حنيف أخرجه الطَّحَاوِيّ عَنهُ، قَالَ: (سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأهوى بِيَدِهِ إِلَى الْمَدِينَة، يَقُول: إِنَّه حرَام آمن) . وَأخرجه مُسلم أَيْضا. وَعَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أخرجه الطَّحَاوِيّ من حَدِيث مَالك عَنهُ أَنه وجد غلمانا ألجأوا ثعلبا إِلَى زَاوِيَة، فطردهم. قَالَ مَالك: لَا أعلم إلاَّ أَنه قَالَ: أَفِي حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع هَذَا؟) وَأخرجه مَالك رَحمَه الله فِي (موطئِهِ) . وَعَن عَليّ بن أبي طَالب وَسَيَجِيءُ عَن قريب. وَعَن عدي بن زيد أخرجه أَبُو دَاوُد عَنهُ. قَالَ: (حمى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل نَاحيَة من الْمَدِينَة بريدا بريدا لَا يخبط شَجَره وَلَا يعضد إلاَّ مَا يساق بِهِ الْحمل) . وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه مُسلم وَجعل اثْنَي عشر ميلًا حول الْمَدِينَة حمى. وَعَن عبد الله بن زيد بن عَاصِم الْمَازِني الْأنْصَارِيّ أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم: أَن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة ودعا لَهَا، وَإِنِّي حرمت الْمَدِينَة، وَسَيَجِيءُ فِي الْبيُوع إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَوْله: (لابتي الْمَدِينَة) اللبتان تَثْنِيَة: لابة، واللابة، الْحرَّة، ذكره الْأَزْهَرِي عَن الْأَصْمَعِي وَجَمعهَا: لاب ولوب، وَفِي (الْجَامِع) : اللابة الْحرَّة السَّوْدَاء، وَالْجمع لابات. وَفِي (الْمُحكم) : اللابة واللوبة: الْحرَّة. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: اللابة أَرض ألبستها حِجَارَة سود، وَالْمَدينَة بَين حرتين يكتنفانها إِحْدَاهمَا شرقية وَالْأُخْرَى غربية، وَقيل: المُرَاد بِهِ أَنه حرم الْمَدِينَة ولابتيها جَمِيعًا. قَوْله: (وأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني حَارِثَة) ، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ