إلاّ عَليّ بن عَاصِم عَن حُصَيْن، وَخَالفهُ أَصْحَاب حُصَيْن فَقَالُوا: اثْنَي عشر رجلا، وَفِي (الْمعَانِي) للفراء إلاّ ثَمَانِيَة نفر، وَفِي تَفْسِير عبد بن حميد: إلاّ سَبْعَة. وَوَقع فِي (تَفْسِير الطَّبَرِيّ) وَابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَاد صَحِيح إِلَى قَتَادَة (قَالَ: قَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كم أَنْتُم؟ فعدوا أنفسهم فَإِذا اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَة) . وَفِي تَفْسِير إِسْمَاعِيل بن أبي زِيَاد الشَّامي: وَامْرَأَتَانِ، وَلابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: وَسبع نسْوَة، لَكِن إِسْنَاده ضَعِيف.
وَأما تسميتهم فَوَقع فِي رِوَايَة خَالِد الطَّحَّان عِنْد مُسلم أَن جَابِرا قَالَ: أَنا فيهم، وَله فِي رِوَايَة هشيم: فيهم أَبُو بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. وَفِي تَفْسِير إِسْمَاعِيل بن أبي زِيَاد الشَّامي: أَن سالما مولى أبي حُذَيْفَة مِنْهُم، روى الْعقيلِيّ عَن ابْن عَبَّاس: أَن مِنْهُم الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَابْن مَسْعُود وأناس من الْأَنْصَار، وَحكى السُّهيْلي أَن أَسد بن عَمْرو روى بِسَنَد مُنْقَطع أَن الاثْنَي عشر هم: الْعشْرَة المبشرة وبلال وَابْن مَسْعُود. قَالَ: وَفِي رِوَايَة: عمار، بدل: ابْن مَسْعُود. وأهمل جَابِرا، وَهُوَ مِنْهُم. كَمَا ذكر فِي الصَّحِيح.
قَوْله: (فَنزلت هَذِه الْآيَة) ظَاهر هَذَا أَن سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة قدوم العير الْمَذْكُورَة، وَفِي (مَرَاسِيل أبي دَاوُد) : حَدثنَا مَحْمُود بن خَالِد حَدثنَا الْوَلِيد أَخْبرنِي بكير بن مَعْرُوف أَنه سمع مقَاتل بن حبَان قَالَ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الْجُمُعَة قبل الْخطْبَة مثل الْعِيدَيْنِ، حَتَّى كَانَ يَوْم جُمُعَة، وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب، وَقد صلى الْجُمُعَة فَدخل رجل فَقَالَ: إِن دحْيَة قدم بتجارته، وَكَانَ دحْيَة إِذا قدم تَلقاهُ أَهله بِالدُّفُوفِ، فَخرج النَّاس لم يَظُنُّوا إلاّ أَنه لَيْسَ فِي ترك الْخطْبَة شَيْء، فَأنْزل الله عز وَجل: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة} (الْجُمُعَة: 11) . الْآيَة، فَقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة وَأخر الصَّلَاة، فَكَانَ أحد لَا يخرج لرعاف أَو حدث بعد النَّهْي حَتَّى يسْتَأْذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُشِير إِلَيْهِ بإصبعه الَّتِي تلِي الْإِبْهَام، فَيَأْذَن لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يُشِير إِلَيْهِ بِيَدِهِ) قَالَ السُّهيْلي: هَذَا، وَإِن لم ينْقل من وَجه ثَابت، فالظن الْجَمِيل بالصحابة يُوجب أَن يكون صَحِيحا. وَقَالَ عِيَاض: وَقد أنكر بَعضهم كَونه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب قطّ بعد صَلَاة الْجُمُعَة، وَفِي (سنَن الشَّافِعِي) رَحمَه الله: عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد (حَدثنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة، وَكَانَت لَهُم سوق يُقَال لَهَا: الْبَطْحَاء، كَانَت بَنو سليم يجلبون إِلَيْهَا الْخَيل وَالْإِبِل وَالسمن، وَقدمُوا فَخرج إِلَيْهِم النَّاس وَتركُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ لَهُم لَهو إِذا تزوج أحد من الْأَنْصَار يضربونه، يُقَال لَهُ: الْكبر، فعيرهم الله بذلك فَقَالَ: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا} (الْجُمُعَة: 11) . وَهُوَ مُرْسل، لِأَن مُحَمَّد الباقر من التَّابِعين، وَوَصله أَبُو عوَانَة فِي (صَحِيحه) والطبري يذكر جَابِرا فِيهِ: أَنهم كَانُوا إِذْ نكحوا تضرب لَهُم الْجَوَارِي بالمزامير فيشتد النَّاس إِلَيْهِم وَيدعونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلمقائما، فَنزلت هَذِه الْآيَة، وَفِي تَفْسِير عبد بن حميد: حَدثنَا يعلى عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس: قدم دحْيَة بِتِجَارَة فَخَرجُوا ينظرُونَ إلاّ سَبْعَة نفر، وَأَخْبرنِي عَمْرو بن عَوْف عَن هشيم عَن يُونُس، (عَن الْحسن قَالَ: فَلم يبْق مَعَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاّ رَهْط مِنْهُم: أَبُو بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَنزلت هَذِه الْآيَة: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة} (الْجُمُعَة: 11) . فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو تَتَابَعْتُمْ حَتَّى لَا يبْقى معي أحد مِنْكُم لَسَالَ بكم الْوَادي نَارا) . حَدثنَا يُونُس عَن شَيبَان (عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ يَوْم جُمُعَة فخطبهم، فَقيل: جَاءَت عير، فَجعلُوا يقومُونَ حَتَّى بقيت عِصَابَة مِنْهُم، فَقَالَ: كم أَنْتُم فعدوا أنفسهم فَإِذا اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَة، ثمَّ قَامَ الْجُمُعَة الثَّانِيَة فخطبهم ووعظهم فَقيل: جَاءَت عير، فَجعلُوا يقومُونَ حَتَّى بقيت مِنْهُم عِصَابَة، فَقيل لَهُم: كم أَنْتُم فعدوا أنفسهم فَإِذا اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَة. فَقَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو اتبع آخركم أولكم لألهب الْوَادي عَلَيْكُم نَارا، فَأنْزل الله تَعَالَى فِيهَا مَا تَسْمَعُونَ: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة} (الْجُمُعَة: 11) . الْآيَة) . حَدثنَا شَيبَان عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لَهو} (الْجُمُعَة: 11) . قَالَ: كَانَ رجال يقومُونَ إِلَى نواضحهم وَإِلَى السّفر يقدمُونَ يتبعُون التِّجَارَة وَاللَّهْو. وَفِي (تَفْسِير ابْن عَبَّاس) : جمع إِسْمَاعِيل بن أبي زِيَاد الشَّامي عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن أبان (عَن أنس: بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يخْطب يَوْم الْجُمُعَة إِذْ سمع أهل الْمَسْجِد صَوت الطبول والمزامير، وَكَانَ أهل الْمَدِينَة إِذا قدمت عَلَيْهِم العير من الشَّام بِالْبرِّ وَالزَّبِيب استقبلوها فَرحا بالمعازف، فَقدمت عير لدحية وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب، فتركوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخَرجُوا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من هَهُنَا؟ فَقَالَ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَابْن مَسْعُود وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة. . فَإِذا اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَتَانِ. فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو اتبع آخركم أولكم لاضطرم الْوَادي عَلَيْكُم نَارا، وَلَكِن الله تطول على بكم