وليس كاليأس قوة لفناء الحضارات، ولن يزرع الأمل مثل اليقين (?).
ويقفز ههنا التساؤل الوجيه الذي يقول: ولكن .. لم تنفصل الفكرة عن الذات، ومن أي رحم يولد الشك ليخمد فورة الحياة في اليقين الطموح؟!! إن العلل وراء ذلك هي بدورها عوامل هامة في دفع كرة الانهيار المتدحرجة، وتنويهًا منا بذلك، وتوجيهًا إلى أصالة اليقين بوصفه فتيلاً للفكرة المحركة، نبدأ في عدّ عوامل الانهيار الحضاري من بعده، فهي تفصيل لما أجمل فيه:
إن من شروط كل حضارة بل من غايات وجودها العضوية أن تحقق الرفاهية والوفرة لأبنائها، وهذا ما تبدأ الحضارة في الشروع به من بعد انطلاقتها الأولية، وتحوّلها من مرحلة التخلق إلى الاستقرار والتبلور في صورة دولة ونظام وتشريع ومؤسسات .. ومنجزات اجتماعية ومادية ومعرفية .. حتى ذلك الحين تظل الفكرة متّحدة بالمصلحة ومصدرًا للربح والخسارة يغري القاصي والداني بالانتماء والولاء، إذ إنها بوابة الوصول إلى المصادر الأخرى للسلطة والمكاسب: المال، والقوة، والمعرفة (?). تلك السلطات التي تتعاضد معًا لدعم الفكرة