ثمينة لتحقيق ما تراهن عليه باعتباره الخيار الوحيد الذي ينبغي التعلق به وإلا الفناء، فيتفرّد الهدف ويتوحّد، ويغدو اندفاع الذات أشدّ ومقاومتها أصلب، لأن المعاناة التي تفرضها التحديات، والضغط الذي يرافقها، يعملان على تعزيز البناء النفسي، وصناعة شخصية رجل الحضارة الذي يتحلى بالجلد والإحساس بالمسؤولية والإيجابية والمبادرة والأمل الواثق المستشرف للمستقبل .. كما تسهم المعاناة المقترنة بمعادل مكافئ في تهذيب الشخصية من الصفات السلبية المعيقة للفعالية والحركة؛ كاليأس واللامبالاة والكسل والتواكل .. ، وبذلك تصير التحديات نفسها عاملاً إيجابيًا من عوامل التخلق الحضاري والحركة. بل يذهب توينبي إلى أن التحديات الخلاّقة التي تصعّد من قوة الاستجابة، تشقّ الطريق أمام الأمة لاكتشاف وسيلة ذهبية أو ظافرة، هي الاستجابة الناجحة، أو الحل النموذجي للتحديات القائمة نتيجة تعاقب الشدّ والجذب من قبل التحديات وسلسلة الاستجابات الناجحة والفاشلة، ما يجعل الانكسارات مرحلة من مراحل الصعود، وحافزًا لاختبار المزيد من العوائق لتفاديها وتجاوزها (?).