الذات المشتمل على جميع الأسماء والصفات، فأشارت بذلك إلى كمالاته التي لا تعدّ ولا تحصى، وهكذا إلى آخر السورة (?).
وهذه سورة البقرة افتتحت بالإشارة إلى إعجاز القرآن وغاية عظمته:
الم* ذلِكَ الْكِتابُ، فرمز لإعجاز القرآن بهذه الحروف المقطعة، ثم أشار إلى غاية كماله وإعجازه باسم الإشارة: «ذلك»، مع أن الإشارة في الأصل تكون للماديات المحسوسة، لتفيد غاية وضوح أمر القرآن وتميّزه عن غيره كمال تميّز، وجاءت بلام البعد، لتفيد بعده أن تصل إليه طاقة البشر، وتأتي بمثله.
وزادت عظمة القرآن فعبّرت ب «الكتاب» معرفا بأل، فأفادت العبارة الحصر، أي أنه لغاية كماله وعظمته صار كأنه الكتاب الوحيد الذي يستحق أن يسمّى كتابا ... وهكذا إلى آخر السورة، وإلى آخر القرآن. حتى صارت كل كلمة في القرآن فريدة، في مكانها (?).
وفي ذلك يقول الرافعي (?): «لو تدبّرت ألفاظ القرآن في نظمها رأيت حركاتها الصرفية، واللغوية تجري في الوضع والتركيب على غاية التآلف الصوتي، فيهيّئ بعضها لبعض، ويساند بعضها بعضا، ولن تجدها إلا مؤتلفة مع أصوات الحروف مساوقة لها في النظم الموسيقى، حتى إنّ الحركة ربما كانت ثقيلة لسبب ما، فإذا هي استعملت في القرآن رأيت لها شأنا عجيبا، ورأيت أصوات الحروف والحركات قد مهّدت لها طريقا في اللسان، فجاءت أعذب شيء، وكانت متمكّنة في موضعها غاية التمكن.
من ذلك لفظة: «النّذر» جمع نذير، فإن الضمة ثقيلة فيها، لتواليها على