إلى أهل الحديث خاصة، فلا يقول قارئ القرآن: لقني فلان الحافظ، ولا يقول النحوي: علمني فلان الحافظ (?).
وذهب الناس يغلون في الحفاظ كل مذهب، فقد عدت كنب الإمام أحمد في اليوم الذى مات فيه، فبلغت اثني عشر حملاً، ما على ظهر كتاب منها «حَدَّثَ فُلاَنٌ» ولا في بطنه «أَخْبَرَنَا فُلاَنٌ»، وكل ذلك كان يحفظه من ظهر قلبه (?). قال: يحيى بن معين (?): «كَتَبْتُ بِيَدِي هَذِهِ سِتُّ مِائَةُ أَلْفَ حَدِيثٍ» (?) ولا عجب في ذلك، فقد ترك يحيى أكثر من مائة قمطر وأربعة عشر قمطراً مملوءة كتباً (?) وَأَمْرُ بن عُقدة (?) ليس أقل عجباً، لأنَّ الأخبار تصوره حافظاً أربع مائة ألف حديث أملاها من حفظه على إخوة أربعة، ولا يبعد أنْ يكون حافظاً غيرها. قال عبد الله القادسي - وهو أحد هؤلاء الأربعة -: «أقمتُ مع إخوتي بالكوفة عِدَّةَ سنين فكتب عن ابن عُقْدَةَ، فلما أردنا الانصراف وَدَّعُنَاهُ، فقال ابن عُقْدَةَ: قد اكتفيتم بما سمعتم، أقلُّ شيخ سمعت منه، عندي عنه مائة ألف حديث. (قال): فقلت: أيها الشيخ، نحن إخوة أربعة، قد كتب كل