تُرَدُّ رِوَايَتُهُ» (?)، وأنَّ «السَّفَهَ يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ وَيُوجِبُ رَدَّ الرِّوَايَةِ» (?). فكل من يجري على لسانه شيء من الكلام البذيء أو العبارات المبتذلة ينفر منه المحدثون ويتركون الرواية عنه. رَوَوْا عن الإمام البخاري أنه رَدَّ حديث النضر بن مطرف، لأنَّ يحيى بن سعيد القطان (- 113 هـ) ترك الرواية عنه. أما يحيى فقد بيَّن سبب إهماله حديث النضر بقوله: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنْ لَمْ أُحَدِّثْكُمْ فَأُمِّي زَانِيَةٌ» (*) , قَالَ يَحْيَى: «تَرَكْتُ حَدِيثَهُ لِهَذَا» (?).
ويشبه هذا ما رَوَوْا عن شعبة بن الحجاج أنه قال: «لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرَى رَجُلاً يَقْدَمُ مِنْ مَكَّةَ فَأَسْأَلُهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , حَتَّى قَدِمْتُ مَكَّةَ فَسَمِعْتُ مِنْهُ , فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَافْتَرَى عَلَيْهِ , فَقُلْتُ: تَفْتَرِي عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ غَاظَنِي , (قَالَ): قُلْتُ: يَغِيظُكَ فَتَفْتَرِي عَلَيْهِ؟! فَآلَيْتُ أَلاَّ أُحَدِّثَ عَنْهُ». فَكَانَ شُعْبَةُ يَقُولُ: «فِي صَدْرِي عَنْهُ أَرْبَعُمِائَةٍ , لاَ وَاللَّهِ لاَ حَدَّثْتُكُمْ عَنْهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا» (?).
فالافتراء على إنسان ولو غاظ الراوي سفه يسقط العدالة، لأنَّ هؤلاء الرُواة كانوا يتميَّزون بمكارم الأخلاق، ولهم آداب خاصة ومناهج في التربية والتعليم ينفردون بها من بين سائر العلماء من قُدَامَى وَمُحْدَثِينَ، في الشرق والغرب (?).