الرجال وتاريخهم وطبقاتهم والعناية بمواليدهم ووفياتهم، وقال سُفيان الثوري (- 61 هـ) موضِّحاً سبب الاشتغال بهذا كله: «لَمَّا اسْتَعْمَلَ الرُّوَاةُ الْكَذِبَ اسْتَعْمَلْنَا لَهُمُ التَّارِيخَ» (?)، بل استعمل نُقَّادُ الحديث التحديد الجغرافي أَيْضًا لفضح الكذَّابين وكشف أساليبهم في الوضع أو التدليس، فلا يذكر ثقاتهم إسناداً فيه رجال رحلوا وأكثروا الترحل وطوفوا بالأقاليم إلاَّ قيدوا أسماء هؤلاء الرجال باسم البلد الذي حدَّثُوا فيه (?).

ومهما يكن من الرحلة في الحديث متاجرة به وتكسُّباً، أو طلباً للشهرة وافتخاراً، فإنَّ الورعين الذين كانوا يحدِّثُون احتسابا لوجه الله هم الذين ملأوا الأرض علماً بِسُنَّةِ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولقد كانوا في كل زمان ومكان أكثر من أنْ يخفوا، وأجل آثاراً من أنْ يهملوا، وأقوى نفوساً من أنْ يسدل عليهم التاريخ ستار النسيان. وحسبنا - للاستدلال على دقة المُحَدِّثِينَ في قبول الروايات - أنهم صَرَّحُوا «بِأَنَّ الْكَاذِبَ فِي غَيْرِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015