شخصية المؤلف، وتكاد تخلو من التعقيبات، إلا أن نتفًا يسيرة من التوضيحات أظهرتنا على النقد الموضوعي الذي كان يتمتع به ابن سعد: فهو مثلاً يورد رواية خلاصتها أن النبي بكى عند قبر أمه لما فتح مكة فقال: «وَهَذَا غَلَطٌ وَلَيْسَ قَبْرُهَا بِمَكَّةَ، وَقَبْرُهَا بِالأَبْوَاءِ». ونقل عن هشام الكلبي قوله: إِنَّ الذِي حَضَرَ بَدْرًا هُوَ السَّائِبُ بْنُ مَظْعُونٍ (لاَ السَّائِبُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ) فَقَالَ يُعَقِّبُ عَلَى ذَلِكَ: «وَذَلِكَ عِنْدَنَا مِنْهُ وَهَلٌ لأَنَّ أَصْحَابَ السِّيرَةِ [وَمَنْ] يَعْلَمُ المَغَازِي يُثْبِتُونَ السَّائِبَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ [فِيمَنْ] شَهِدَا بَدْرًا. وَشَهِدَ أُحُدًا، وَالخَنْدَقَ، وَالمَشَاهِدَ كُلَّهَا».
والمادة الأدبية في " الطبقات " ليست غزيرة في الشعر غزارتها في الخطب، ولا سيما خطب النبي في المناسبات المختلفة. أما الشعر فبعضه جاهلي قديم يتعلق أغلبه بأجداد النبي أو بسادات العرب من قريش، وبعضه الآخر إسلامي يتصل غالبًا بباب المغازي. إلا أنه قليل إذا قيس بما ورد من الشعر في " مغازي الواقدي " أو " سيرة ابن إسحاق ".
وابن سعد أولاً وآخرًا رجل رواية على طريقة المحدثين، وليس ناقدًا على طريقة الأدباء (?).