وإن طائفة غير يسيرة من الأحاديث التي فيها ما يشبه اللحن لتفسر - في نظرنا أحيانًا كثيرة - بتحرج الرواة واحتياطهم في التحمل والأداء، فكان بعضهم - لشدة أمانته - يلحن كما يلحن الراوي ما دام اللفظ الذي يرويه لا يحيل المعنى ولا يفسده (?)، ومن هاهنا نادى أهل التحقيق بوجوب رد الحديث إلى الصواب، إذا كان راويه قد خالف موجب الإعراب! (?) فمن ذلك أَنَّ الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ الحُلْوَانِيِّ قَالَ: «مَا وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِي، عَنْ عَفَّانَ لَحْنًا فَأَعْرِبُوهُ، فَإِنَّ عَفَّانَ كَانَ لاَ يَلْحَنُ» وَقَالَ عَفَّانُ: «مَا وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِي، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ لَحْنًا فَأَعْرِبُوهُ، فَإِنَّ حَمَّادًا كَانَ لاَ يَلْحَنُ» وَقَالَ حَمَّادٌ: «مَا وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِي عَنْ قَتَادَةَ لَحْنًا فَأَعْرِبُوهُ، فَإِنَّ قَتَادَةَ كَانَ لاَ يَلْحَنُ» (?).

خلاصة البحث:

---------------

وإن هذه المقاييس التى أخذ بها المحدثون أنفسهم لدى رواية المتون - إلى جانب ما التزموه من دقة بالغة لدى رواية الأسانيد - لتؤكد تأكيدًا قاطعًا أن مانعي الاحتجاج بالحديث من اللغويين والنحويين المتقدمين ارتكبوا خطأ جسيمًا حين تَعَلَّلُوا بأن مرويات الحديث لا تؤنس الثقة بأنها من لفظ النبي العربي الكريم: فإن هؤلاء المانعين أنفسهم عرفوا - كما عرف المجيزون - «أَنَّ مَا فِي رِوَايَاتِ الحَدِيثِ مِنْ ضَبْطِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015