نفسه على التصريح بكل منهما مخافة أن يلفظ بغير لفظ النبي - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -! (?).
ومن الأئمة من تشدد في منع الرواية بالمعنى في الحديث المرفوع إلى النبي، وإنما كانوا يتساهلون في الموقوف على الصحابي، والمقطوع عند التابعي، لأنهم كانوا يعتقدون أن التحفظ الكامل ينبغي أن يكون في حديث رسول الله نفسه، لما له من مكانة في التشريع (?).
وقد رأينا كيف منع بعض المحققين من العلماء غير الصحابة من رواية الحديث بالمعنى، وإن استوفوا مراد الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لدى تبديل لفظه بمرادفه، وعقلوا هذا بأن الإباحة لو أطلقت لما كان أحد على ثقة من الأخذ بالحديث (?)، ولا ريب أن فرص الرواية على المعنى - بعد هذا التشدد كله، وهذا التضييق من كل جانب - أمست قليلة بل نادرة الوقوع، وأن هذا الضرب من الرواية - على فرض وقوعه - كان مقصورًا بعد عصر التدوين على العالم بالنحو والصرف العارف بمدلولات الألفاظ ومقاصدها، القادر على أداء الحديث خاليًا من اللحن فإن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يلحن، فمن روى عنه شيئًا ولحن فيه كذب عليه، وتبوأ مقعده من النار (?).