نَظَلُّ دون إيفاء علم الحديث حقة، فما من تيار فكري إسلامي إلا وله من عدوى الحديث حظ معلوم، إن لم يكن فيما حمله تراث النبوة من وصايا وَحِكَمٍ وتعاليم ففي طرق التحمل والأداء، وشروط الرواية والرواة، ومقاييس النقد والتجريح، وأساليب التصنيف والتخريج، ومعايير الموازنة والترجيح، فهذه كلها دخلت شواهد النحو، وسادت أبحاث اللغة، وارتفعت إلى أخبار الأدب، وتركت في الجميع أصداءها الشداد، عن طريق الرواية والإسناد!
وتفصيل ذلك أن النحو والصرف ومسائل اللغة كلها شعب من علوم الأدب، فلا يستشهد عليها - كما قال الرعيني (?) - إلا بكلام العرب الأصيل، وهل من سبيل غير الرواية الصحيحة والإسناد الثابت المتصل للوقوف على كلام العرب القدامى الفصحاء؟
وأجمع العلماء - ولعلهم في إجماعهم قد أصابوا - «على أنه لا يحتج بكلام المولدين واالمحدثين في اللغة العربية، (?)، وحملوا - عن طريق هذا الإجماع - إلى علوم العربية روايات لا ينالها الإحصاء