بها على أن بعضهم لم يكن يعمل بهذا الضرب من الخبر الآحادى: فقد رَدَّ أبو بكر خبر المغيرة في ميراث الجدة حتى انضم إليه خبر محمد بن مسلمة، وَرَدَّ عمر خبر أبي موسى في الاستئذان حتى انضم إليه أبو سعيد، وَرَدَّ أبو بكر وعمر خبر عثمان في إذن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في رد الحكم بن العاص، وَرَدِّ علي خبر أبي سنان الأشجعي في المفوضة، وكان علي لا يقبل خبر أحد حَتَّى يُحَلِّفَهُ سوى أبي بكر، وردت عائشة خبر ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء أهله (?).

والحق أن الصحابة احتجوا بخبر الآحاد، وعملوا بمضمونه، وإنما توقفوا في قبول بعضه دَفْعًا للريبة، أو رغبة في اليقن، أو تَوَاصِيًا بالحيطة البالغة في رواية الحديث. ويفسر هذا قول عمر لأبي موسى: «أَمَا إِنِّي لَمْ أتَّهِمْكَ وَلَكِنَّهُ الحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -»!. ويزيل اللَّبْسَ في هذا مرة واحدة علمنا بحقيقة الخبر الآحادى، فليس المراد منه ما رواه واحد فقط، بل ما يقابل المتواتر كما أوضحنا في بحث الصحيح (?)، فانضمام صحابي آخر إلى الصحابي الأول في الروايات المذكورة ليس كافيًا لإخراجها من صفة «الآحادية»، بل لو انضم إلى الصحابي الأول اثنان أو ثلاثة أو حتى جمع كثير لا يؤمن تواطؤهم على الكذب لم تخرج تلك الأخبار عن حَيِّزِ الآحاد. ولهذا قال الآمدي: «وَمَا رَدُّوهُ مِنَ الأَخْبَارِ أَوْ تَوَقَّفُوا فِيهِ إِنَّمَا كَانَ لأُمُورٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ مِنْ وُجُودِ مُعَارِضٍ أَوْ فَوَاتِ شَرْطٍ، لاَ لِعَدَمِ الاِحْتِجَاجِ بِهَا فِي جِنْسِهَا، مَعَ كَوْنِهِمْ مُتَّفِقِينَ عَلَى العَمَلِ بِهَا» (?)، وعلى هذا متى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015