وَأَيًّا ما تكن معرفة العرب للكتابة قُبيل الإسلام، فَإِنَّ الكاتبين كانوا أكثر عَدَدًا في مكة منهم في المدينة، يشهد لذلك أَنَّ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أذن لأسرى «بدر» المكيين بِأَنْ يفدي كل كاتب منهم نفسه بتعليم عشرة من صبيان المدينة الكتابة والقراءة (?). وحسبنا أَنَّ كَتَبَةَ الوحي بين يدي الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بلغ عددهم أربعين رَجُلاً (?)، وأنَّ كَثِيرًا منهم كانوا مَكِيِّينَ، وهم الذين كتبو القسم المكي من القرآن قبل هجرته - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إلى المدينة. بَيْدَ أَنَّ المسلمين ما كادوا يَسْتَقِرُّونَ في المدينة حتى بُدِّلَتْ الحال غير الحال، فكثر فيهم الكاتبون مُذْ أنشأ الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مسجده صُفَّةً كَانَ الكَاتِبُ المُحْسِنُ عبد الله بن سعيد بن العاص يُعَلِّمُ فيها الراغبين الكتابة والخط (?). وأكبر الظن أَنَّ المساجد التسعة التي كانت بالمدينة على عهد رسول الله - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - (?) اتخذت مدارس لنشر العلم، يزيدنا اعْتِقَادًا بهذا أَنَّ رسول الله كان يأمر الصبيان أَنْ يتدارسوا في مسجد حَيِّهِمْ (?). ومن المعلوم أَيْضًا أَنَّ الرسول